الدكروري يكتب عن رمضان وأصحاب الجد والعزيمة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 7 مارس 2024
الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد وكفر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الخلائق والبشر، الشفيع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى أصحابه ما اتصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر، ثم أما بعد إن الجنة من أراد أن يدخلها لابد أن يأخذ بيده وبقوة إلى الجنة “يدخل الجنة أقوام يقادون إليها بالسلاسل” كما قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وإن الجنة لا يدخلها النائمون والكسالى وأصحاب الترف وأصحاب التفاهات، لا يدخلها إلا أصحاب الجد والعزيمة الذين قتل أكثرهم فى سبيل الله، أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، وهكذا فإن المرء دون عمل لا يساوى شيئا، فإن مقامك عند الله على قدر عملك، فيقول تعالى ” يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون”
فلا ترهق نفسك بالتكاليف الشاقة التي لا تطاق لأنه فى بعض الأحيان قد يحمّل الإنسان نفسه ما لا يطيق، فتحصل عنده ردة فعل عنيفة، فيسأم من العمل ويتركه ويتجه إلى بساط الكسل، ولذا قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا” وقال صلى الله عليه وسلم “إن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل” فيجب عليك أن تتعرّف على طاقاتك، وتتعرف على مواهبك، وتستفيد مما أودعه الله عز وجل فيك، فإن كثير من الناس لا يعرفون مواهبهم، ولا يعرفون طاقاتهم، فقد دفنوها وقتلوها بالكسل والخمول وعدم العمل، وأيضا يجب عليكم أن تطلعوا على سير العظماء وأصحاب الهمم العالية لتروا ماذا أحدثوا فى هذا الكون، وماذا أحدثوا فى هذا العالم، وعلى رأسهم رسولنا النبى الكريم صلى الله عليه وسلم.
فماذا فعل النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، فقد غيّر العالم كله فى سنين بتأييد من الله، فقد اختاره الله عز وجل من الخلق كلهم، فكان الاختيار على هذا الإنسان العظيم الذى صار مضرب مثل لكثير حتى من الكفار المنصفين، فإن العالم مليء بالقدوات حتى فى أمور الدنيا، يوجد من غير المسلمين، من الكفار أنفسهم، من أحدثوا أشياء عجيبة في هذه الحياة الدنيا، غيّروا أشياء وحصّلوا مكاسب، نعم هى دنيوية لكن بالجد والعزيمة قاوموا الكسل، وهناك شعوب من قرأ سيرتها وعرف ما قامت به يدرك هذه الحقيقة، كيف أن كثيرا من الناس عندهم هذه العزيمة التى يحققون بها ما يصبون إليه، ونحن أول ما نريد أن نحققه هو الجنة، ومن عرف الجنة وطمع فيها والله لا يعرف الكسل، كيف يكسل مسلم وهو يسمع قول الله تعالى” ففروا إلى الله”
فتأمل في كلمة فروا، ليس مشيا، ولكنه ” ففروا إلى الله ” وهذا في عمل الآخرة، أما عمل الدنيا فتأمل في قوله تعالى فى سورة الملك ” هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور” ولذا يقال أيضا “إياك والكسل والضجر فإنك إن كسلت لم تؤد حقا، وإن ضجرت لم تصبر على الحق” ويقال أيضا وهذا شيء يلحظه من يمارس الرياضة أو من كان ممارسا لها ثم تركها “كل عضو إذا ترك استعماله بطل، كالعين إذا غمضت، واليد إذا عطلت” ولذا عضو الإنسان إذا اعتاد على الحركة أصبحت الحركة له سهلة ميسرة، حتى لو زادها حركة في مستقبل أمره فإنه لا يجد معاناة ولا مشقة، بينما من أهمل عضوا من أعضائه وأراد أن يحركه ولو بعض الحركة فإنه يجد صعوبة ومشقة فى هذا الأمر.