أخبار ومقالات دينية

الدكروري يكتب عن إياكم والإنغماس في ملذات الدنيا

جريدة موطني

الدكروري يكتب عن إياكم والإنغماس في ملذات الدنيا
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن نعيم الدنيا زائل لا محالة، ولكن النعيم المقيم هو في جنة الرحمن، ومصداق ذلك ما روى أنس بن مالك رضي الله عنه فقال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول لا والله يا رب، ويؤتى بأشد الناس بؤسا فى الدنيا من أهل الجنة، فيصبغ صبغة في الجنة، فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط؟ هل مر بك شدة قط؟ فيقول لا والله يا رب ما مر بي بؤس قط، ولا رأيت شدة قط” رواه مسلم، فقد نسي المؤمن المعذب في الدنيا كل ما أصابه فيها بغمسة واحدة فى الجنة، ونسي الكافر الفاجر كل النعيم الذي عاشه سنين طويلة في الدنيا بغمسة واحدة في النار، إنها عبرة لمن اعتبر وموعظة لمن اتعظ.

فمن فهمها فأخذ بها نجا برحمة الله تعالى، ومن أعرض عنها فلا يلومن إلا نفسه، ويوم القيامة يجد نتيجة ذلك، والقرآن مليء بهذا المعنى الذي دل عليه الحديث، ففي سياق الآيات التي تخبر عن أحوال أهل الجنة نجد أنهم فرحون برحمة الله تعالى لهم، ومغتبطون بما نالوه من الثواب العظيم على أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا، وقد نسوا ما أصابهم في الدنيا من أكدارها وآلامها ومصائبها، ولذلك يحمدون الله تعالى على هدايته لهم إلى الإيمان، والعمل الصالح الذي كان سببا فى دخولهم الجنة، وفي مقابل ذلك، يخبر القرآن عن ندم أهل النار يوم القيامة حين يرون أنواع العذاب والنكال، وأنهم يتمنون الرجوع للدنيا للعمل الصالح، ولكن هيهات قد حيل بينهم وبين ذلك، وما هى إلا فرصة واحدة لا تتكرر.

فما أشد بؤسهم، وما أعظم خسارتهم حين يبعثون من قبورهم للحساب، ويتمنوا العوده إلى الدنيا لكى يعملوا صالحا، ولكن لا يجابون إلى ذلك، فقال قتادة رحمه الله تعالى “والله ما تمنى أن يرجع إلى أهل ولا إلى عشيرة، ولا بأن يجمع الدنيا ويقضي الشهوات، ولكن تمنى أن يرجع فيعمل بطاعة الله عز وجل، فرحم الله امرءا عمل فيما يتمناه الكافر إذا رأى العذاب، ولو أن الله تعالى أجابهم إلى ما أرادوا من إعادتهم إلى الدنيا ليعملوا صالحا لعادوا إلى أعمالهم السيئة، إذ لو كانوا صادقين في دعواهم لأخذوا العبرة مما حل بالمكذبين قبلهم، ولم يسيروا سيرتهم وهم يعلمون عاقبتهم، فيقفون أمام ربهم وهم في غاية الذل والانكسار، والخزى والعار مما صنعوا واكتسبوا في الدنيا، فلا رجوع حينئذ، إنما حساب وعذاب.

فخذوا من حالهم أبلغ العبرة، وأحسن الموعظة، فقد قرأتم كتاب الله تعالى في الأيام الخوالي، واستمعتم إلى آياته في تلك الليالي، وعلمتم كثيرا من أوصافهم وأحوالهم، فحذار حذار أن تسلكوا مسلكهم، فإن دنياهم زالت عنهم، وبقي عذابهم بأعمالهم، وما أغنت عنهم أموالهم ولا أولادهم، ولا نعيمهم في الدنيا من عذاب الله تعالى شيئا، فمن أحسن فيما مضى من رمضان فليحمد الله تعالى، وليختم شهره بكثرة الاستغفار، وليثبت عقب رمضان على العمل الصالح، وليعلم أن انتهاء العمر سيكون كانتهاء رمضان، يمر سريعا ولا يبقى له إلا ما عمل فيه، ومن أساء فى رمضان وفاته الخير والإحسان، فليبادر بتوبة صادقة يختم بها شهره، وليستغفر لما مضى من ذنبه.

وليأخذ من سرعة دخول الشهر وخروجه عبرة بسرعة زوال الدنيا، وقرب رحيله هو عنها، وله عوض فيما بقي من عمره عما فاته من تحصيل الخير، وليحذر من تضييع عمره كما ضيع رمضان، فتكون عاقبته الندم والخسران.

الدكروري يكتب عن إياكم والإنغماس في ملذات الدنيا

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار