
الكاتب / عايد حبيب جندي الجبلي
مُهمشةً لا تعنيني بشيءٍ وأنا أمر في الطرقات تقول الصورة أنا تاريخ أنا وجه أبى الهول ورمسيس الأول ورمسيس الثاني و كليوباترا وخفرع …… تقول الصورة أنا تاريخ مُهمش تقول الصورة أنا مُغبرةٌ من مُرور الأقدام يقول الغريب وأنا لا شيء يعجبُني ممن لا يُبالوا بغُبار الأقدام التي علي وجه الصورة لم يأت أحد يمسح
الغُبار الملقى علي الصورة لأراها لامعة الوجه يقول الغريب : أهٍ لو بوسعي لنقلتها لأوطاني وترونها في أزهى أمجادها وتروي قصدها من سبعة ألاف عام تتحدث الصورة وتقول : أيها الغريب لو أخذتَ صورتي ستتغير ملامحي ولن أستطع الجلوس بعيداً عن أبنائي فمقابرهم أسفل أقدامي ومقابر أجدادي … وأبنائي سيأتون ليلملموا جراحي ويجلبوا أخوانهم من الذين أخذتموهم ، تقول الصورة : أيها الغريب أرحل إن شئت وابقَ إن شئت ، تقول الصورة : أيها الغريب إن التاريخ يتحدث بدلا مني أنا لست في أرض مغتصبة مثل أراضي الهنود الحمر … أنا أمجاد أنا كنت وأبقى أنا كما أنا وأنت أنت … وأنا هى أنا علي مر التاريخ وسوف أبقى أنا وأنت لا أنت ، يقول الغريب سوف نلتقى فيما بعد واجعل صورتك ليست مُغبرة البتة بل تبقي مشوهة ، تقول الصورة بصرخات الحزن أنا عاصرت حروباً كثيرة علي مر التاريخ وأنا كما أنا وأنت لا تاريخ لك .
سأضع وردةً علي قبري ترتوي بدموع أحفادي وتنمو الوردة علي عرق أنفاسي وتبث رائحة جميلة من بقايا جسدي وكل من يعبرُ من أحفـــــادي يشتمُ رائحتــــها ويروى كلـــماتي علي مرور التـــاريخ و يرثُ أحــفادي نضالي قبلما تذبل الوردة وتظهر شيخوختها وتنفق رائحتها الجميلة وجسدي علي الطرقات من يدوسهُ يدوس ومن ينتشلهُ ينقذهُ من دوس الأقدام المليئة بغبار الأزقة ومن هرولة أشخاص لم يبــالوا بأجساد الـــموتى هم أحــياء ولـــيس لهم كـيان يصرخون ولم يسمعهم أحد … يبكون لم يجفف دمعهم أحد ، في الأزقة المزدحمة بأشخاص لاكهم الزمن وحــولــهم مثل هشاشة العظام في الجسد يأكل بعضهُ بعضاً ، أختلس من الزمن بواقي ابتسامة طفلٍ وديع فآخـــــذها علي أبــل يمضي بخطوات متأنية كعازف يعزف لحناً حزيناً أمام موكب من الموتى وآخذها وأرحل بعيداً لأضعها في كــوكب لا حقد فيه وتزهُو علي نقاء ويترعرع أحفادي علي هذا البقاء وتنمو الوردة فيخرج نموها لمن يبتسم ابتسامة وديـعة ويخرج جسدي ويرى النور الذي تبقي من الزمن