الهدف من فريضة الزكاة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله ثم الحمد لله ثم الحمد لله، الحمد لله كما ينبغى لجلال وجهك وعظيم سلطانك رضينا بالله تعالى ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم نبيا ورسولا ثم اما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن فريضة الزكاة، وإذا تأملنا إلي الجهات التي أمرنا الإسلام أن تصرف إليها زكاة المال عرفنا أن منهم من يحتاج إلى الزكاة بنفسه ومنهم من يحتاج المسلمون إليه وبهذا نعرف مدى الحكمة في إيجاب الزكاة وأن الحكمة منه بناء مجتمع صالح متكامل متكافئ بقدر الإمكان، وأن الإسلام لم يهمل الأموال ولا المصالح التي يمكن أن تبنى على المال ولم يترك للنفوس الجشعة الشحيحة الحرية في شحها وهواها بل هو أعظم موجه للخير ومصلح للأمم، واعلموا يرحمكم الله إن المال من زينة الحياة الدنيا، تسر له النفوس، تفرح إذا أعطيت، وتحزن إذا منعت منه.
وليس العطاء دليل الرضا، ولا المنع علامة الغضب، ومن عباد الله من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقره الله ما صلح له ذلك، ومن عباده من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغناه الله ما صلح له ذلك، لا مانع لما أعطى ولا معطى لما منع وهو الحكيم الخبير، وإن المتأمل في النظام الإسلامي الإقتصادي والإجتماعي يتبين له أنه أعدل نظام عرفته البشرية، فالأغنياء الموسرون في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم يؤجرون على البذل، ويبارك لهم في المال مع الصدقة، ويجازون بالإحسان على إحسانهم، يعطيهم الله من رزقه، ويطلب منهم القرض الحسن للمحتاجين من خلقه، تضاعف لهم الأجور في الصدقات، ويحفظ الله أموالهم من الكوارث والنكبات بإخراج الزكاة، وإعطاء الصدقات، فالفقراء يحتاجون فلا يجيبون، ويصبرون فيؤجرون، تضن بهم الحياة.
وتلاحقهم هجوم الديون وغلته، وقهر الرجال فيشكون الحاجة الى خالقهم وينزلونها به دون خلقه، فيحصل لهم بعد العسر يسر، ومن الهموم فرج، كم لهم من الأجر حين يصبرون على شظف العيش وكفاف الحياة، كم تصفو نفوس الزهاد في الدنيا حين لا يشغل بالهم التجارة في الأسواق، بل يتفرغون للدراسة والتدريس، والعبادة والتزود للآخرة، وإن الزكوات والصدقات والعطايا والهدايا والهبات كلها إنفاق يؤجر عليه المسلم إذا كانت خالصا لوجه الله تعالي، تخفف معاناة الفقر، وتذهب شح النفوس، وتجعل في الحياة فرصا للخير والمودة والرحمة، فكيف يكون شعور رجل مدين بأموال قد أثقلته أو عاجز عن النفقة على الأهل والعيال، أو بشاب يريد أن يتزوج ويعف نفسه وأظلمت الحياة في وجهه إذ لا يجد ما يغنيه، فهنا لابد أن تمتد يد المحسن لينتعش المدينون.
ويتزوج الشاب ولينفق صاحب العيال على عياله، ولن ينسى الفقر المحتاج لهذا الغني ما أنفقت يداه، ولأجر الآخرة أعظم، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة “متفق عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”. الهدف من فريضة الزكاة