
بقلم: عايد حبيب جندي مدير مكتب سوهاج بجريدة
الإنسان حينما يتقدم به العمر ويصل إلى شيخوخته، لا يستطيع أن يعيد أيام صباه أو يسترجعها في لحظة، لكنه قادر على تذكرها بذاكرته وخياله الذي عاش فيه آنذاك. فهو يلامس تلك الذكريات بعقله البشري المحدود، لا بعقل مطلق خذ مثالًا على ذلك: القاتل، السارق، أو الكذاب. الإنسان هو من يضع نفسه في إطار أزمته الإنسانية بعقله المحدود في الحياة اليومية الملموسة. فهذا عقل من العقول، لكن هناك عقل آخر يريد معرفة الغيب، وهو غير قادر على ذلك. فالإنسان لا يستطيع أن يعرف ما في علم الغيب، لكنه قادر على الابتكار والصناعة من الطبيعة التي حوله ومع ذلك، فإن الإنسان بعقله المحدود لا يستطيع أن يخلق شيئًا من عدم، بل كل ما يصنعه هو مستخرج من الطبيعة. فهو يمتلك الإحساس والقدرة على العطف، الحب، الكره، البكاء، لكنه لا يستطيع أن يفعل شيئًا خارقًا للطبيعة كالمعجزات. كل ما يصنعه الإنسان يخضع للعقل البشري الذي يمتلك الغضب، الشر، الخير، والحكمة. فيبقى المصنوع البشري محكومًا بالطبيعة، مخلوقًا منها، ومحفوظًا في إطارها. فالإنسان ناقل من الطبيعة، صانع من الطبيعة، لكنه ليس خالقًا لها. وهنا يبرز سؤال: من خلق الطبيعة؟ الإنسان مهما ابتكر أو صنع أو فكر أو دون في كتب الفلسفة، يبقى عقله محدودًا. فهناك خالق لا محالة. هل يعرف الإنسان ما يفعله أخوه الإنسان في القارات الأخرى إلا بطريقة ملموسة؟ هل يعلم أفكاره إلا إذا عبّر عنها؟ لا، لكن خالق الطبيعة يعلم الغيب، ويعلم ما تفعله أنت الآن. الإنسان يصنع الأشياء الملموسة التي يراها ويسمعها، لكنه لا يعلم ما يدور في عقل أخيه إلا إذا أخبره كل الابتكارات البشرية كانت يومًا ما من علم الغيب، ثم أصبحت حاضرة بفضل العقل والموهبة. الطبيعة هي الأصل، فلو لم تكن الطبيعة لما استطاع الإنسان أن يبتكر شيئًا. فمن رفع الكواكب ؟ من خلق الجاذبية ؟ من وضع الشمس والقمر في مساراتهما ؟ هل يستطيع الإنسان أن يخلق ثمرة لها رائحة جميلة، أو عشبة تشفي المرضى؟ هل يستطيع أن يخلق عينًا تدمع من الفرح أو الحزن؟ كل ما يصنعه الإنسان هو تقليد أو تطوير لما موجود في الطبيعة. لكن ما يصنعه الله لا يستطيع الإنسان أن يصنعه بعقله المحدود الطبيعة موجودة قبل عقل الإنسان، وكل شيء على الأرض – من الذهب إلى التكنولوجيا – متفرع من الطبيعة. فخالق الطبيعة هو الله، وهو غير ملموس، بينما عقل الإنسان محدود فالإنسان لديه عقل وفكر، يعرف كيف يستخدمهما ليصنع أدوات ويستخرج أشياء من الطبيعة. فمن الناس من يشغل عقله، ومنهم من يقيده مثال: إنسان لديه نقود، فوضعها في خزانة، وكان يسحب منها يوميًا لينفق على حياته، حتى نفدت. فنظر إلى الخزانة فوجدها فارغة وإنسان آخر استثمر نقوده، فجعلها تُدر عليه ربحًا، لينفق من ذلك على حياته وإنسان ثالث يستخدم قوته الجسدية لكسب المال فهؤلاء يمثلون عقول البشر: الأول اعتمد على فكر الآخرين ولم يبتكر ، فخسر والثاني فكر واستثمر، فربح والثالث بذل جهدًا جسديًا لكنه قد لا يكتسب معرفة فالعقول ثلاثة : عقل يعتمد على أفكار الآخرين دون تفكير وعقل يبحث عن المعرفة ويستثمرها وعقل يكدح جسديًا لكنه قد لا يطور فكره .
فالطبيعة وُجدت قبل الإنسان ، فعلينا أن نتساءل: كيف وُجدت ؟ هل خُلقت بذاتها أم لها خالق؟ الوجود سبق العقل البشري، فلا بد له من صانع حكيم .
كثرة الهموم تضعف الذاكرة ، وكثرة أخطاء شخص ما لك فيفضل أن تنسي هذا الشخص من حياتك أو أن تمحوه من سجل ذكرياتك .