
نقطه من اول السطر
الحرب بالوكالة باتت واضحه .هل تتدخل الصين ؟
بقلم /حماد مسلم
انضمام إيران الي البلدان التي سقطت وسقط نظامها ام انها تستيقظ وتجد من يقف بجانبها وتشابك الاطراف وتصبح الحرب بالوكالة بالطبع نشير هنا الي الصين ومن بعدها روسيا يجعلنا نطرح سؤال هل هناك علاقة ما بين ما يجري في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج العربي من حروب ، وبين النفوذ الصيني في شرق آسيا وربما غربها؟
علامة الاستفهام المتقدمة، تبدو غريبة بعض الشيء، لا سيما أن بكين ليست طرفا مباشرا في أعمال القتال الدائرة بين إسرائيل وإيران.
غير أن نظرة عليا للمشهد برمته، تبدو الصين طرفا بصورة أو بأخرى في الأزمة بشكل غير مباشر، وبخاصة إذا أخذنا في عين الاعتبار احتمالات تورط الولايات المتحدة الأميركية في الحرب لجانب تل أبيب وبالضد من طهران.
طوال الأيام القليلة الماضية ، بدا واضحا أن الرئيس ترامب اعدحسابات الربح والخسارة بالنسبة للدخول في مواجهة عسكرية مع إيران للقضاء على برنامجها النووي، وفيما ظن الكثيرون أنه قاب قوسين أو أدنى من قرار الحرب، ما يدفعنا للتساؤل هل هناك أسباب ماورائية جعلت فكرة الحرب غير مرحب بها إلا حال تعرض المصالح الأميركية للخطر أو لهجمات، وهو ما تتجنبه طهران حتى الساعة؟
الجواب بلاشك يأخذنا في طريق التقاطعات والتشارعات بين واشنطن وبكين، والشد والجذب الحادث مؤخرا ، لا سيما بعد إشكالية التعريفات الجمركية والتي يراها نفر غير قليل حربا ولكن بصورة أخرى.
في البداية ربما يتحتم علينا الإشارة إلى أن إيران وبحسب تيار كبير وواسع من جماعة MAGA وفي مقدمهم مستشار ترمب السابق، اليميني الضارب بقوة ستيف بانون، لا تمثل في الوقت الحاضر تهديدا للولايات المتحدة الأميركية، ولهذا يجب أن لا تنجر واشنطن في صراع يلحق الضرر بالمصالح الأميركية ،ويتهدد حياة الأميركيين ، عطفا على إستنزاف الموارد الأميركية.
بجانب ذلك، تظهر فكرة تشتيت الموارد الإستراتيجية الأميركية عن الأولويات الملحة ، وعلى رأسها إدارة التوترات المتصاعدة مع الصين.
منذ العام 2010، تم تحويل إستراتيجية المحافظين الجدد المعرفة بالقرن الأميركي، إلى خطة الاستدارة نحو آسيا، والهدف الرئيس منها حصار الصين، وحرمانها من تخطى مرحلة القطبية التي لا رجعة بها.
الأمر نفسه شهدته إدارة الرئيس السابق جوبايدن، حيث أعتبرت الصين في الإستراتيجية القومية التي صدرت في أكتوبر 2022، العدو الأكبر لأميركا ، رغم أن فلاديمير بوتين، هو من كان يشن الحرب على أوكرانيا.
والشاهد أنه منذ هجمات السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 على منطقة غلاف غزة، أرسلت الولايات المتحدة الأميركية سفنا وأفرادا ومعدات أخرى إلى المنطقة لحماية إسرائيل وردع إيران وحلفائها في “محور المقاومة”، وفي كثير من الأوقات تم نقل تلك الأصول العسكرية من منطقة المحيطين الهندي والهادي، حيث تتمركز بشكل كبير لمواجهة التهديدات الصينية المحتملة.
لم يتوقف الأمر عند حدود غزة فحسب، ذلك أن تهديدات الحوثيين لممرات المياه الدولية في البحر الأحمر، بدورها أدت إلى سحب العديد من قطع الأسطول الأميركي إلى هناك، وبعضها تعرض بالفعل لأضرار طفيفة، واستدعى المشهد استنزاف الكثير من الموارد والذخائر المرصودة بالفعل للصين، ما جلع عددا غير قليل من القيادات العسكرية الأميركية تعرب عن قلقها من المضي قدما في هذا المسار.
لم يتوقف المشهد عند هذا الحد، ففي أبريل نيسان الماضي، نقلت واشنطن بطاريات دفاع صاروخي ونظام ثاد THAAD وحاملة الطائرات “يو إس إس فينسون ” من آسيا إلى الشرق الأوسط، كما يواصل الجيش نقل موارده وسفنه ومعداته الأخرى إلى المنطقة بعد الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة الأخيرة، كما تحركت حاملة الطائرات “يو إس إس نيميتز ” من منطقة بحر الصين الجنوبي متجهة إلى الشرق الأوسط.
ماذا يعني ذلك بالنسبة للصين وهل الأمر يمثل فرصة تاريخية من جانب وخطرا من جانب آخر؟
يبدو الأمر في حاجة إلى تؤدة في التحليل، وقد يكون الأمران في ذات الوقت صحيحين، أي الفرصة والخطر، وهي الترجمة الحقيقية لكلمة أزمة بالنسبة للغة الصين.
قد يكون الأمر فرصة بالنسبة للصين، لكنها فرصة مرتبطة بدخول الولايات المتحدة حربا طويلة الأمد مع إيران، واشتعال النيران في المنطقة برمتها، ذلك أنه حال جرى الأمر على هذا النحو، سوف تضحى الفرصة سانحة للصين لإعادة تايوان إلى ترابها الوطني عبر عملية عسكرية سريعة مفاجئة لا تصد ولا ترد.
وعلى الرغم من أن خطط البنتاغون مصممة على خوض حربين كبيرتين في وقت واحد، إلا أن انعكاسات الأمر على الداخل الأميركي اقتصاديا ستكون وخيمة، وعسكريا سوف ترهق واشنطن، ومن جهة ثالثة سوف توفر فرصة لسيد الكرملين للمضي قدما في مخططاته بالنسبة لأوكرانيا أول الأمر، وربما تنفتح شهيته لما وراءها من دول البلطيق أو أوروبا الشرقية.
عطفا على ذلك، فإن مستنقعا أميركيا كبيرا وخطيرا في الشرق الأوسط والخليج العربي، يعني انسحاب المزيد من القطع الحربية الأميركية من مياه المحيط الهادئ والهندي، هناك حيث تجري معارك النفوذ الصامت، ويتراءي للأعين ضباب الحروب التي تحدث عنها خبير الحرب الألماني الأشهر “كارل فون كلاوزفيتز”.
على الجانب الآخر تبدو الصين في دائرة المخاطر، حيث لها مصالح كبيرة قد تهددها حرب إقليمية، أولا وقبل كل شيء، تعتمد الصين اعتمادا كبيرا على المنطقة في إمداداتها من الطاقة، حيث يأتي نصف نفطها المستورد من منطقة الخليج العربي، كما تربط الصين وإيران علاقة وطيدة، وهناك أحاديث عن اتفاقيات إيرانية لتأجير جزر للصين تقع في مجال سيادتها ومياهها الإقليمية.
والثابت أن بكين لا تتمنى ولا ترغب في رؤية انهيار النظام في طهران، والذي يعد حلقة وصل مهمة في مساعي الصين لتحدي النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه تعلو الأصوات هل التحالف الروسي – الصيني، سيكون راضيا عن مثل هذه الحرب، والتي تضر بالنظام الإيراني الصديق بدرجة أو بأخرى لبكين وموسكو؟
المؤكد أنه على خارطة الشطرنج الإقليمية لا تبدو النتيجة النهائية المتعلقة بتفكيك النظام الإيراني، حصادا جيدا للروس ولا للصينيين بل اختصاما من حضورهما بالقرب من منابع النفط، وهو ما يخدم ولاشك الإستراتيجية الأميركية في الهمينة لا التعاون مع بقية العالم.
في هذا السياق لم يعد سرا أن الكثير من الأصوات تساءلت في الأيام القليلة الماضية عن التطورات التي جرت للقوة الصاروخية الإيرانية، وما إذا كانت قد تلقت المزيد من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية من الصين أو روسيا ، في محاولة لإعادة ضبط “ميزان الانتباه العسكري” مع تل أبيب، حيث تسببت الضربات الأخيرة من إيران لوجع كبير في إسرائيل، والتي بدورها أحدثت خسائر في الجسد الإيراني المنهك، لم تعرفها القيادة الإيراني منذ زمن عملية ” فرس النبي” في 18 أبريل 1988 حين أغرقت البحرية الأميركية نصف الأسطول الإيراني.
لا تبدو الصين بعيدة الشرق الأوسط، وما يجري فيه، حتى وإن بدت صامتة أو هادئة وبما يتسق وتكوينها الكونفوشيوسي الذي يراد الوجود روحا واحدة، وكل أنطولوجي، إلى حين تغير المشهد سلما أو حربا حتى آخر الطريق..في النهاية سيناريو الحرب الإسرائيلية الإيرانية تتغير ملامحها حتي الأسلحة المستخدمة تعد من الأسلحة المتطوره علي اي حال الحرب دمار شامل للمنطقة