يا أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِ الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليّاً مرشداً، وأشهد أن لا إلـٰه إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وتابعيهم وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن العبد الكافر أو الفاسق إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم يجئ ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول يا أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب، فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء.
فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض، فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث ؟ فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهى به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قول الحق سبحانه وتعالي” لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ” فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى، فتطرح روحه طرحا ثم قرأ قول الله تعالي ” ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ” فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك ؟
فيقول هاه، هاه لا أدرى، فيقولان له ما دينك ؟ فيقول هاه، هاه لا أدرى، فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هاه، هاه لا أدرى، فيقولان لا دريت ولا تلوت، فينادى منادي من السماء أن كذب، فافرشوا له من النار وافتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد كنت بطيء عن طاعة الله، سريعا في معصية الله فجزاك الله شراً، فيقول من أنت ؟ فوجهك الوجه يجئ بالشر؟ فيقول أنا عملك الخبيث، نعم أنا عملك الخبيث، أنا وقوعك في الشرك، وأنا حلفك بغير الله، وأنا طوافك على القبور، وشربك للخمور، بل أنا وقوعك في الزنا وأكلك للربا وسماعك للغناء.
أنا تكبرك على الناصحين وجرأتك على رب العالمين، وعندها يتحسر هذا العبد وهل تغني الحسرات، ويشتد ندمه وهل تنفعه العبرات، فأين كان هذا البكاء وأنت تنظر إلى المحرمات ؟ وتواقع الفواحش والشهوات ؟ فكم نُصحت بحفظ فرجك وصيانة سمعك وبصرك، فابكي اليوم أو لا تبكي فلن تنجو من العذاب فيقول تعالي ” اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون ” عندها يوقن هذا العبد أن ما يلقاه بعد القبر أشد وأبقى، فيقول رب لا تقم الساعة، ثم يقبض له أعمى أصم، أبكم في يده مرزبة لو ضرب بها جبل كان ترابا، فيضربه ضربة حتى يصير ترابا، ثم يعيده الله كما كان فيضربه ضربة أخرى، فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين.