اخبار

خطرٌ صامتٌ 

خطرٌ صامتٌ

بقلم:دكتوره هدي فريد

يداهم نومنا: هل نضع هواتفنا تحت الوسادة؟

لقد أصبح الهاتف المحمول جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، رفيقًا في يقظتنا ومنامنا. ولكن،

هل فكرت يومًا في المخاطر الخفية التي قد يحملها هذا الرفيق الصامت، خصوصًا عندما نضعه قرب رؤوسنا

ونحن نغط في نوم عميق؟ الإجابة ببساطة: نعم، هناك ضررٌ بالغ، ولا ينبغي وضع الهاتف المحمول تحت الوسادة إطلاقًا.

الموجات الكهرومغناطيسية: مصدر القلق

يُعَدّ الهاتف المحمول جهازًا يُصدِر إشعاعات التردد اللاسلكي

(RF – Radiofrequency radiation)، وهي جزءٌ من الطيف الكهرومغناطيسي، وتُصنّف ضمن الموجات الكهرومغناطيسية غير المؤيِّنة.

هذا يعني أن طاقتها ليست كافية لإحداث تأيُّنٍ في الخلايا أو إتلاف الحمض النووي (DNA) بشكل مباشر،

كما تفعل الأشعة السينية مثلاً. ومع ذلك، لا يزال هناك قلقٌ متزايدٌ بشأن تأثيراتها المحتملة على الصحة على المدى الطويل.

يستخدم الهاتف المحمول هذه الموجات للتواصل مع أبراج الشبكة، وكذلك في تقنيات مثل الواي فاي والبلوتوث،

وتكمن المشكلة في قرب مصدر هذه الموجات من أجسامنا، وخاصة رؤوسنا، لفترات طويلة.

الأضرار المحتملة: ما الذي يحدث؟

تتعدد الأضرار المحتملة لوضع الهاتف المحمول بالقرب منا أثناء النوم، ومن أبرزها:

 * الارتفاع الحراري للجهاز: يُصدر الهاتف حرارةً أثناء عمله وشحنه. وضعُه تحت الوسادة يمنع تشتّت هذه الحرارة،

مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارته بشكل مبالغ فيه. قد يؤثر هذا على أداء البطارية وعمرها الافتراضي،

وفي حالات نادرة جدًا، قد يؤدي إلى اشتعال أو انفجار البطارية.

 * اضطرابات النوم: يُعدّ القرب المباشر للهاتف مصدرًا للقلق والتوتر،

حتى لو كان صامتًا. فالضوء الأزرق المنبعث من شاشته يُعيق إفراز هرمون الميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن تنظيم دورة النوم والاستيقاظ،

مما يؤدي إلى صعوبة الدخول في النوم أو الاستيقاظ المتكرر، وبالتالي تدهور جودة النوم.

 * التأثيرات البيولوجية المحتملة للإشعاع: بالرغم من أن الأبحاث لا تزال جارية،

إلا أن بعض الدراسات تشير إلى أن التعرض المستمر لإشعاعات التردد اللاسلكي قد يُساهم في:

   * الصداع المزمن والإرهاق: قد يشعر بعض الأشخاص بالصداع أو الإرهاق عند التعرض الطويل للإشعاع.

   * مشاكل في التركيز والذاكرة: نقص النوم الجيد والتعرض المستمر قد يؤثر على الوظائف الإدراكية،

وخاصة عند الأطفال الذين تكون أدمغتهم لا تزال في طور النمو.

   * مخاطر محتملة على الخصوبة: تُشير بعض الدراسات الأولية إلى احتمال تأثير وضع الهاتف في الجيوب القريبة من الجسم على خصوبة الرجال.

   * احتمالية زيادة خطر الإصابة بالأورام: صنّفت منظمة الصحة العالمية إشعاع التردد اللاسلكي على أنه

“من المحتمل أن يكون مسببًا للسرطان للبشر” (فئة 2B)، وهي نفس الفئة التي تضم مواد مثل عادم الديزل. هذا التصنيف يشير إلى الحاجة لمزيد من الأبحاث، لكنه يدعو للحذر.

خطرٌ صامتٌ

كيف نقلل من أضراره؟ نصائح بسيطة لحياة صحية

الوقاية خيرٌ من العلاج، ويمكننا تقليل التعرض للإشعاع والمخاطر المرتبطة بالهاتف المحمول باتباع نصائح بسيطة:

 * حافظ على المسافة: تُعدّ المسافة أفضل حماية. كلما كان الهاتف أبعد عن جسمك، قلّ التعرض للإشعاع بشكل كبير.

   * استخدم السماعات: عند إجراء المكالمات، سواء كانت سلكية أو لاسلكية (بلوتوث)، لتُبقي الهاتف بعيدًا عن رأسك.

   * استخدم مكبر الصوت (Speakerphone): للتحدث دون الحاجة لحمل الهاتف قرب أذنك.

   * أبعد الهاتف عن السرير: ضعه على منضدة بعيدة أو في غرفة أخرى أثناء النوم.

   * تجنب وضعه في الجيوب لفترات طويلة: خصوصًا جيوب البنطلون القريبة من الأعضاء التناسلية.

 * قلّل مدة المكالمات: اختصر المكالمات الطويلة، وفضّل استخدام الرسائل النصية أو الرسائل الصوتية متى أمكن.

 * تجنب الاستخدام في الإشارة الضعيفة: عندما تكون إشارة الشبكة ضعيفة، يبذل الهاتف جهدًا أكبر لالتقاط الإشارة، مما يزيد من مستوى الإشعاع الصادر منه.

 * فعّل وضع الطيران (Airplane Mode): عند عدم الحاجة للاتصال بالشبكة أو الإنترنت، مثل أثناء النوم أو المذاكرة. هذا يوقف جميع الإشعاعات الصادرة من الهاتف.

 * كن حذرًا مع الأطفال والحوامل: تُعدّ هذه الفئات أكثر حساسية للإشعاع، ويُنصح بتقليل تعرضهم للهاتف المحمول قدر الإمكان.

 * اختر الهواتف ذات معدل امتصاص نوعي (SAR) أقل: يُشير هذا المعدل إلى كمية الإشعاع التي يمتصها الجسم من الهاتف. كلما كان الرقم أقل، كان ذلك أفضل.

خطرٌ صامتٌ

في الختام، صحتنا أغلى ما نملك. إن إدراك المخاطر المحتملة لاتكائنا المفرط على الهاتف المحمول،

واتخاذ الإجراءات الوقائية البسيطة، يمكن أن يُساهم في حماية أنفسنا وأحبائنا من “الخطر الصامت”

الذي قد يداهم نومنا ويؤثر على جودة حياتنا.

خطرٌ صامتٌ 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى