مقالات

إستحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة

إستحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله غافر الذنب قابل التوب شديد العقاب ذي الطول لااله الا هو و اليه المصير، الحمد لله الذي يقول للشئ كن فيكون وبرحمته نجى موسى وقومه من فرعون، الحمد لله الذي كان نعم المجيب لنوح لما دعاه وبرحمته كشف الضر عن يونس اذ ناداه وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله و سلم وبارك عليه ما ذكره الذاكرون الأبرار، وصلى الله و سلم وبارك عليه ما تعاقب الليل والنهار، ونسال الله تعالى أن يجعلنا من امته وأن يحشرنا يوم القيامة في زمرته ثم أما بعد إن شهر شعبان يعد موسما ختاميا لصحيفة المرء وحصاد أعماله في العام، كما في حديث النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ” وهو شهر يرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ”

والحكمة من رفع الأعمال السنوية إلى الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر هو تنبيه للناس إلى أهمية هذا الشهر ودعوتهم في إحيائه بالطاعة والعبادة حتى ترفع أعمالهم وهم على حال الطاعة، جبرا لما نقص منها، أو تكون سببا لغفران الله تعالي لهم، ليبدؤوا صفحة جديدة مع الله تعالى في شهر رمضان، فإنه ينبغي شكر العبد لله تعالى على إدراكه شهر شعبان، وهذه من نعم الله تعالى عليه، فإن شهر شعبان فرصة لإصلاح النفس وما علق بها من الذنوب والآثام حتى تختم صحيفة العام بالطاعة جبرا لما نقص منها، وفي هذا يقول العلامة الحسن البصري رضي الله عنه ” نفوسكم مطاياكم إلى ربكم، فأصلحوا مطاياكم توصلكم إلى ربكم” فهل جلسنا يوما لنحاسب النفس كم قدّمت وكم قربت من طاعات؟

وكم فرطت في معاصي وبليات ومنكرات؟ ما فعلنا هذا؟ إذ لو اننا فعلنا هذا لتغير الحال لأن كل عاقل لا يبحث إلا عن ما ينفعه، ولا يفر إلا مما يضره، فرأينا أنفسنا حينها كسالى عن العبادات، وكسالى عن الطاعات لا نأتي الصلاة إلا دبارا، وقل من يتفطن للصف الأول، وقل من يأتي عند الأذان بل نرى في باقي الطاعات وعظيم القربات كم أدينا من نوافل؟ وكم قمنا وأدينا من مسنونات؟ لكن في امر الدنيا الفانية، وفي امر الحياة الزائله نرى العكس من هذا كله فكم من تاجر يموت كمدا أو يعيش بحسرة حينما يرى جاره من التجار أعلى منه ربحا ومكسبا وصاحب الأموال يموت كمدا إن بارت تجارته أو خسر ماله لأنه عاقل يحسبها بحساب كما يقال بالقلم والورقة عند الربح يفرح، وعند الخسارة يحزن وفي ماذا؟

في أمر تافه، وفي عرض من الدنيا قليل، إلى أن يأتيه أمر الخروج الإجباري حيث يقول تعالي ” وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ” فقد ذهب الحزن كله مع أول سكرة ومع أول خروج للروح، فلا يحزنهم الفزع، بمجرد أن تخرج الروح إلى روح وريحان، ولذلك العقلاء هم الذين يجمعون القلب، ويجمعون النفس، ويهيئون الأمر للسير إلى الله عز وجل، وإنه ينبغي علينا أيها المسلمون التنبيه على غفلة الناس في شهر شعبان مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ” وذلك لوقوعه بين شهرين عظيمين شهر رجب، وشهر رمضان، وقد إنقسم الناس إلى صنفين، صنف إنصرف إلى شهر رجب بالعبادة والتعظيم.

حتى أحدثوا فيه من العوائد ما جعلهم يعظمونه أكثر من غيره من الشهور، وصنف فرّط ولا يعرف العبادة إلا في شهر رمضان، فأصبح شهر شعبان مغفولا عنه، فهذا الحديث فيه دلالة على “إستحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عز وجل، كما كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشاءين بالصلاة، ويقولون هي ساعة غفل”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى