الرئيسيةاخباررقصة الطيور تحت سماء نوفمبر… حين يتحدث الخلق بلغة الإيمان
اخبار

رقصة الطيور تحت سماء نوفمبر… حين يتحدث الخلق بلغة الإيمان

رقصة الطيور تحت سماء نوفمبر… حين يتحدث الخلق بلغة الإيمان

رقصة الطيور تحت سماء نوفمبر… حين يتحدث الخلق بلغة الإيمان

محمود سعيد برغش 

في لحظةٍ خاطفة، التقطت صوره لمشهدًا يبدو بسيطًا في تفاصيله، لكنه يحمل في عمقه درسًا روحيًا عظيمًا. طائران يحلقان فوق الأشجار، يخترقان سكون السماء، ويتركان خلفهما إحساسًا عجيبًا بأن الحرية ليست مجرد حركة أجنحة، بل حالة إيمانية يدركها كل من يعرف معنى التوكل على الله.

 

الطيور هنا ليست مجرد مخلوقات خفيفة، بل جزء من خطاب الله في الكون، دليلٌ حيٌّ على الرحمة والحكمة والإبداع الرباني. فالقرآن الكريم لم يذكر الطير عبثًا، بل جعله آية تُقرأ لا بعين المصوّر، بل بعين القلب.

 

يقول الله تعالى:

﴿أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ﴾

آية تضع الإنسان أمام حقيقة لا نقاش فيها: ما من جناح يرتفع، ولا ريشة تخفق، إلا بإذن من لا تُدركه الأبصار.

 

ويقول سبحانه:

﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾،

ليؤكد أن رزق هذه الطيور التي نراها يسبح في السماء، مضمونٌ بأمر الله قبل أن تفرد جناحيها بحثًا عنه.

 

قال النبي ﷺ:

«لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا».

حديثٌ واحد يلخّص فلسفة الحياة كلها: التحليق لا يبدأ بالأجنحة، بل بالقلب.

 

فالطير يخرج جائعًا ضعيفًا، لا يملك قوة ولا خزائن، لكنه يعود آخر النهار ممتلئًا… لأنه لم يتخذ من الخوف طريقًا، بل من السعي والتوكل منهجًا.

 

كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول:

“كفى بالمرء توكلًا أن يعلم أن رزقه لن يأخذه غيره.”

 

وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكرر:

“لو توكلتم كما يجب، لكان حالكم كحال الطير، لا يبيت واحد منها إلا وقد أخذ نصيبه.”

 

أما عثمان بن عفان رضي الله عنه فكان يقول:

“إن في الطير لعبرة لمن عقل عن الله.”

 

وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:

“تأمل خلق الله، ففي كل جناح رسالة، وفي كل طيران حكمة.”

 

قال الإمام الشافعي رحمه الله:

“ليس في الكون شيء يُرى بلا حكمة، حتى رفّة جناح طير.”

 

وقال ابن القيم:

“الطيرُ أمةٌ من الأمم، وفي سلوكها من دلائل الإيمان ما لو تأمله العبد لامتلأ قلبه يقينًا.”

 

وقال الطبري في تفسيره:

“تسخير الطير دليل على القدرة، وفيه تذكير للعبد بأن يد الله فوق كل شيء.”

 

الشرع والتابعون… رسالة الطيور إلى القلب البشري

 

كان الحسن البصري يقول:

“انظر إلى الطير في الهواء، ما حملته إلا رحمة الله، فكيف يضيع من حمله الله بعقله وإيمانه؟”

 

وقال سعيد بن جبير:

“الطير في السماء تسبح ربها، فمن لم يتفكر معها فهو من الغافلين.”

 

الصورة… حين يصبح المشهد دعوة للتأمل

 

الغيوم التي تشكلت بلا إرادة أحد، والأسلاك التي تعبر السماء كأنها خطوط من حياة البشر، والطيور التي تحلّق بخفة فوق كل ذلك… كلها تقول شيئًا واحدًا:

 

إن الحرية الحقيقية ليست في مساحة السماء، بل في صفاء الروح.

 

هذه الصورة ليست مجرد لقطة؛ إنها آية من آيات الله تُقرأ بعمق وتواضع.

والطيور التي تحلق في نوفمبر تعلمنا أن الجمال لا يأتي من الكمال، بل من لحظة صدق مع السماء.

رقصة الطيور تحت سماء نوفمبر… حين يتحدث الخلق بلغة الإيمان

وفي النهاية…

ما زال هناك وقت للطيران.

ولو لم يكن بجسدك، فليكن بقلبك.

رقصة الطيور تحت سماء نوفمبر… حين يتحدث الخلق بلغة الإيمان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *