الغياب عن صفوف الجياع والمحتاجين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي جعل حب الوطن أمرا فطريا والصلاة والسلام على من أرسله الله تعالى رسولا ونبيا وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمان ومكان، أما بعد اتقوا الله عباد الله واعلموا يرحمكم الله بأن الأعمى الحقيقي في هذه الحياة الدنيا هو من يعرف عن أحباب وأخوان وآخرين تحت أطباق الثرى لو قيل لهم تمنو لتمنوا ركعة يركعوها لله وسجدة يسجدوها لله لتمنو تسبيحة وإستغفاره وتلاوه وصدقه لكنه مع ذلك يصر على المضي في طريق غفلته وضياعه وخسارته وحرمانه وهلاكه، والأعمى الحقيقي هو ذاك الذي أعطاه الله وفتح عليه من خزائن رزقه ومع ذلك يغمض عينيه بشكل مستمر ومتواصل عن أرملة أوجع رأسها حمل ثقيل وثكلى اكل فؤادها همّ طويل، والأعمى الحقيقي هو من يكون في صف المصلين الأول.
ولكنه يغيب عن صفوف الجياع والمحتاجين والبائسين والمعدمين والمحرومين، والأعمى الحقيقي من صام عن الطعام ولم يصم عن الحرام، والأعمى الحقيقي هو من رفع الأذان ولم يرفع أبويه ويعطى حقهما من البر والصلة والإحسان، والأعمى الحقيقي هو من يصلى ويصوم ثم يغش في بيعه وشرائه، وكما أن الأعمى الحقيقي هو من يبصر بدرجة سته على سته من قوة الإبصار ودقة الابصار لكنه يرى في صورة خليعه او مجلة رقيعه او شهوة محرمه مارأى في ملكوت؟ وما تدبر في خلق الله، وما تأمل في بديع صنع الله، فما رأى شيئا من البناء والبنيان فتعجب لكنه لم يتعجب من سماء رفعها الله بغير عمد، ولم يتعجب من جبال لو سخرت فيها جيوش الارض ما حركتها ولا زحزحتها من مكانها، ولكنها بأمر الله وبكلمه ” كن ”
يجعلها الله هباء منثورا، يجعلها الله كالعهن المنفوش، يجعلها الله تمشي وتسير، واعلموا يرحمكم الله إنه ينبغي علينا معرفة حال النبي صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان للاقتداء به، ومعرفة سر هذا الإهتمام بشهر شعبان، والتحذير من الغفلة، والتذكير بفضل العمل الصالح في هذا الشهر، وأنه شهر ختام أعمال السنة حيث ترفع فيه إلى الله تعالى، ومعرفة أهم الأعمال المستحبة في هذا الشهر الفضيل، للاقتداء بالسلف الصالح، والحصول على الأجر والثواب، واعلموا يرحمكم الله إن المؤمن ليتقلب في هذا الزمان، ويمد الله تعالي له في الأجل، وكل يوم يبقى فيه في هذه الدنيا هو غنيمة له ليتزود منه لآخرته، ويحرث فيه ما إستطاع، ويبذر فيه من الأعمال ما استطاعته نفسه وتحملته، ولا يستطيع أي إنسان كلما داعبه هلال شهر شعبان المبارك في كل عام.
أن يمنع نفسه من تذكر شهر رمضان المعظم، وصيامه وقيامه، والأعمال الصالحة التي تظلله، وخصوصا وشهر شعبان هو التمهيد الزماني لشهر رمضان وما فيه من الطاعات، وهو رياضة عبادية للقلب والجوارح على الإجتهاد في الطاعة في رمضان حيث إنطلاق الإنسان من قيوده الشيطانية، وأغلال هوى نفسه، وتكبيل مردة الجن بها لينطلق الإنسان في فضاء الطاعة الرحيب، وسمائها الواسعة، لا يدخر وسعا، ولا يبخل بجهد يبذله في سبيل تحصيل ما يقدر على حمله من باقات الحسنات والطاعات، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الغياب عن صفوف الجياع والمحتاجين