بداية اسبوع مريح للجميع
هنا نابل / بقلم المعز غني
تمرّ الحياة أمامنا كصفحات كتاب لا نملك حقّ إعادة كتابته ، لا نستطيع سوى قراءته كما هو ، ننهل من سطوره يومًا فرحًا ، ويومًا آخر ألمًا ، وبين الاثنين تتشكل ملامح حكايتنا.
ولأن الأيام تمضي سريعًا ، فإن اللحظات السعيدة تأتي دائمًا بخفّة طائرٍ يرفرف قرب نافذتنا ثم يطير قبل أن نتمكن من لمسه ، تترك في القلب أثرًا ، وفي الروح فراغًا جميلاً لا يُمحى .
تلك الأيام التي نشعر فيها بأن الكون يصغي لهمساتنا وأن الطرقاتتفتح ذراعيها لنا ، وأن تفاصيل الحياة الصغيرة — فنجان قهوة ، إبتسامة عابرة ، لقاء غير متوقّع — تتحول إلى مهرجان من الدفء.
نتمسك بها كأنها كنز ، نُخفيها في الذاكرة ونعود إليها كلما ضاقت بنا الدنيا .
ولكن …
ما إن نبدأ بتوخّي البقاء في تلك اللحظات ، يأتي الزمن بحكمه الذي لا يلين ، ويأخذها منّا كأنها لم تكن ، ليمتحن قدرتنا على الوقوف من جديد .
فالحياة لا تمنحنا الفرح بلا مقابل ، ولا تعطينا الأمان دون أن تُشعرنا أولًا بمدى هشاشتنا.
تمرّ علينا أيام ثقيلة ، مطرّزة بالتعب والخذلان ، مملوءة بالأسئلة التي لا تجد إجابة ، وبالقلوب التي ترهقها الاشتياقات.
لكن في عمق هذه الأيام تكمن الحكمة الحقيقية؛ فالحزن ليس عدوًا ، بل معلمًا صبورًا ، يُهذّب الروح ، ويرقّق القلب ، ويمنحنا قدرة على فهم الحياة أكبر بكثير مما يمنحه الفرح وحده .
ولولا العتمة ، لما عرفنا قيمة الضوء …
ولولا الغياب ، لما شعرنا بعمق الحضور …
ولولا الخسارة ، لما أدركنا روعة ما نملك …
هكذا تستمر الحياة :
مهرة جامحة لا تُروَّض ، تركض بنا بين البساتين مرة ، وبين العواصف مرة أخرى.
نتمسك بسرجها بثبات ، ونعرف أننا مهما تعثرنا ، ستأتينا لحظة جميلة تُعيد ترتيب الدفء في قلوبنا ، وتمنحنا سببًا جديدًا لنبتسم .
إن اللحظات السعيدة قصيرة لأنها ثمينة ، وعابرة لأنها صافية ، ومحدودة لأنها خُلقت لتُقدّر لا لتعتاد .
هي رسائل صغيرة من الله تقول لنا :
“لا تنسى أن الحياة ما زالت قادرة على أن تكون جميلة… حتى وإن أتعبتك.”
فلنحتفظ بكل ومضة فرح ، بكل ضحكة صادقة ، بكل حضنٍ نلتقي فيه بسلام ، لأنها ما يصنع لنا ذاكرة نستظلّ بها حين تعصف بنا الأيام .
اللهم اجعل دروبنا نورًا لا ينطفئ ، وأيّامنا القادمة أجمل من كل ما مضى .
نهاية أسبوع مريحة للجميع
بقلم المعز غني عاشق الترحال وروح الاكتشاف
بداية اسبوع مريح للجميع


