العلم مطلب شرعي للرجل والمرأة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
العلم مطلب شرعي للرجل والمرأة
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، الحمد لله ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شاء ربنا من شيء بعد، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المسلمين، الحمد لله الذي جعلنا من عباده المصلين، نسأل الله أن يثبتنا على ذلك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وعلى آله وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد إن ديننا الإسلامي دين علم وأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها كانت علما حيث حفظت وروت كثيرا من الأحاديث النبوية داخل المنزل الشريف، ومثلها كانت أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن وذلك إستجابة لهدي هذا الدين، فعن الشفاء رضي الله عنها قالت دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة رضي الله عنها فقال لي ألا تعلّمين هذه رقية النحلة كما علمتها الكتابة؟
فالعلم مطلب شرعي للرجل والمرأة علي السواء، فلماذا نضيّق واسعا ونحمّل الأجيال وزر معلمات كن قدوة سوء؟ فنحن بحاجة إلى القدوة الحسنة وغرس التعاليم الشرعية الصحيحة، ويجب أن لا يهمل تعليم البنات، فقد قيل تعليم رجل واحد هو تعليم لشخص واحد، بينما تعليم امرأة واحدة يعني تعليم أسرة بكاملها، وبتعليم بناتنا وتنشئتهن النشأة الصالحة نردم الهوة الكبيرة التي تفصل أمتنا عن التقدم في كثير من ديار المسلمين، بل إن ديننا الإسلامي بلغ فيه حب العلم والترغيب في طلبه أن دعا إلى تعليم الإماء من نساء الأمة كي تزول غشاوة الجهل، وتسود المعرفة الواعية، وقبل ذلك ليعبد الله على بصيرة وتستقيم الأجيال على أمر الله تعالي، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ” أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها، وأدبها فأحسن تأديبها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران”
وقد عرف أعداؤنا أهمية العلم فأسرعوا إليه ولكن على أسس علمانية، وعرفوا أثر المعلمة، فعملوا على إفسادها، وبإفسادها أضلوا الأجيال منذ مطلع هذا القرن، ومما يؤسف له أن العلمانيين والملاحدة قد سبقوا أصحاب العقيدة السليمة إلى تعليم المرأة، فعاثت نساؤهم في العالم الإسلامي تخريبا وإفسادا نتيجة لما يربين عليه الأجيال من مبادئ ضالة ومضلة، وكان لتأسيسهن الجمعيات النسائية الدور الكبير في صرف بناتنا عن طريق الهدى والرشاد، فلا بد من بديل إسلامي لنحصن بناتنا بالتربية الرشيدة، حتى لا يكون موقفنا مجرد النقد واللوم، وذلك بالتعليم النافع، وأساليب الدعوة الجادة بين بنات جنسهن، فإنه لا بد من إعداد المرأة إعدادا مناسبا لرسالتها بإعتبارها أنثى إضافة إلى العلوم الشرعية الواجب عليها تعلمها، فإذا أتقنت ذلك وكانت ممن أوتي موهبة غنية.
وعقلا خصبا، وفكرا نيرا وتعلمت غير ذلك من العلوم والفنون فإن هذا حسن لأن الإسلام لا يعترض سبيلها ما دامت لا تتعدى حدود الشرع الحنيف، وقد كانت نساء السلف خير قدوة في التأدب والحياء خلال خروجهن وتعلمهن، إذ كانت المرأة المسلمة تتعلم ومعها دينها يصونها، وحياؤها يكسوها مهابة ووقارا بعيدا عن الإختلاط والتبذل، وقد حدد علماؤنا القدماء صفات المعلم المسلم في التعامل مع طلابه، وذكروا أفضل الآداب لإتباعها وعلى ضوء تلك الآداب فعلى المعلم أو المعلمة إخلاص النية لله تعالى وأن تقصد بتعليمها وجه الله وتحتسب الثواب منه وحده، وتتطلع إلى الأجر الجزيل الذي ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله من دل على خير فله مثل أجر فاعله، فلا تعمل لأجل المكانة ولا لمدح الناس ولا للراتب وحده.
وإنما عملها في سبيل الله، وتكون قدوة للناشئات في ذلك، وإلا فإن فاقد الشيء لا يعطيه، وأنى للأعمى أن يقود غيره ويرشده للطريق السليم؟ وأن تقوم بعملها وتربي الأجيال على أدب الإسلام فيتعلمن العلم ويتعلمن الأدب في آن واحد.