مقالات

لا يشكر الله من لا يشكر الناس 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، أحمدك اللهم حمدا ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء، وأشكرك وأستغفرك، وأشهد أنك أنت الله وحدك لا شريك لك، ولا حول ولا قوة إلا بك، بك نحول، وبك نصول، وبك نقاتل، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدك ورسولك الذي جاهد في الله حق جهاده، جاهد بسيفه ولسانه وسنانه، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه أما بعد يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ” حق على من أنعم عليه أن يحسن مكافأة المنعم، فإن قصر عن ذلك وسعه فعليه أن يحسن الثناء، فإن كل عن ذلك لسانه فعليه بمعرفة النعمة ومحبة المنعم بها، فإن قصر عن ذلك فليس للنعمة بأهل ” ويقول الإمام زين العابدين رضي الله عنه أما حق ذي المعروف عليك فأن تشكره وتذكر معروفه، وتكسبه المقالة الحسنة.

 

وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عز وجل، فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية، ثم إن قدرت على مكافأته يوما كافيته، وكما قال الإمام زين العابدين يقول الله تبارك وتعالى لعبد من عبيده يوم القيامة أشكرت فلانا؟ فيقول بل شكرتك يا رب، فيقول لم تشكرني إذ لم تشكره ” ويقول الإمام الرضا ” من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عز وجل ” ويقول النبي صلي الله عليه وسلم ” من لا يشكر الناس لا يشكر الله ” يعني أن من كان من طبيعته وخلقه عدم شكر الناس على معروفهم، وإحسانهم إليه فإنه لا يشكر الله لسوء تصرفه ولجفائه، فإنه يغلب عليه في مثل هذه الحال ألا يشكر الله، فالذي ينبغي للمؤمن أن يشكر على المعروف من أحسن إليه من أقارب وغيرهم، كما يجب عليه شكر الله على ما أحسن إليه فعليه، أن يشكر الناس أيضا على معروفهم إليه.

 

وإحسانهم إليه، والله جل وعلا يحب من عباده أن يشكروا من أحسن إليهم، وأن يقابلوا المعروف بالمعروف، كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ” من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ” ولهذا يشرع للمؤمن أن يدعو لمن دعا له، وأن يقابل من أحسن إليه بالإحسان، وأن يثني عليه خيرا في مقابل إحسانه إليه، وبذل المعروف له، وهذا من مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” لا يشكر الله من لا يشكر الناس ” رواه أحمد وأبو داود والبخاري، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” من لم يشكر الناس لا يشكر الله ” رواه الترمذي في كتاب البر والصلة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

في باب ما جاء في الشكر لمن أحسن إليك، وورد في رواية الإمام أحمد عن الأشعث بن قيس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن أشكر الناس لله عز وجل أشكرهم للناس ” وقال الإمام الخطابي في شرح الحديث “هذا يتأول على وجهين أحدهما أن من كان طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم، كان من عادته كفران نعمة الله تعالى وترك الشكر له، والوجه الآخر أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه، إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم” وقال الإمام الخطابي أيضا “هذا الحديث فيه ذم لمن لم يشكر الناس على إحسانهم، وفيه أيضا الحث على شكر الناس على إحسانهم، وشكر الناس على إحسانهم يكون بالثناء عليهم وبالكلمة الطيبة وبالدعاء لهم” وقال الإمام ابن العربي ” روي برفع الجلالة والناس “

 

ومعناه من لا يشكر الناس لا يشكر الله، وبنصبهما أي من لا يشكر الناس بالثناء بما أولوه، لا يشكر الله، فإنه أمر بذلك عبيده، أو من لا يشكر الناس كمن لا يشكر الله، ومن شكرهم كمن شكره، وبرفع الناس، ونصب لفظ الجلالة، وبرفع لفظ الجلالة ونصب الناس ومعناه لا يكون من الله شكر إلا لمن كان شاكرا للناس، وشكر الله زيادة النعم وإدامة الخير والنفع منها لدينه ودنياه”

لا يشكر الله من لا يشكر الناس 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى