
إحسان الوالدين عظيم وفضلهما سابق
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وأمرنا بصلة الأرحام وأشهد أن لا إله إلا الله الملك القدوس السلام وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله بدر التمام، ومسك الختام صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله البررة الكرام، وصحابته الأئمة الأعلام والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب النور والظلام أما بعد أيها الأخوة المسلمون إن حق الوالدين هو آكد الحقوق بعد حق الله سبحانه وتعالى وحقهما يكون في الطاعة والاحترام والبر والإكرام والإنفاق عليهما، والقيام برعايتهما وكان حقهما بعد حق الله مباشرة، لأنهما سبب الوجود بعد الله عز وجل ولأنهما بذلا في سبيل التربية من الجهد ولقيا في ذلك من المشقة مالا يعلمه إلا الله، فلهذا قال الله تعالي ” واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ” وهذا حق تنادي به الفطرة السليمة ويوجبه العرفان بالجميل.
ويتأكد ذلك في حق الأم فهي التي قاست من آلام الحمل والوضع والإرضاع والتربية ما قاست، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم عقوق الوالدين من أكبر الكبائر، بل جعل مرتبته بعد الشرك بالله تعالى، فقيل أنه جاء رجل إلى المحكمة العامة شاكيا باكيا قائلا أذن المؤذن لصلاة الفجر فذهبت لإيقاظ ولدي للصلاة، فقام وصفعني على وجهي وإنفجر باكيا خذوا بحقي من ولدي، أنصفوني من فلذة كبدي، آمره فيعصاني، وأزجره فينهرني، فإني كرهت ولدي، إني أبغضه ولا أحبه ولا أريده في بيتي، ووجدت أم مقتولة، وقد قتلها ولدها بأداة حديدية، فيا ويحهم من ربهم وخالقهم، يا ويلهم من الواحد القهار، القوي الجبار، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لعن الله من لعن والدية ” رواه مسلم، فمن لعن والديه، لعنه الله وغضب عليه وطرده من رحمته وأوقع به عقوبته.
فما بالنا بمن ضرب والديه أو قتل أحدهما أو كلاهما، لهو للعنة أحق وللطرد مستحق، فحري بأصحاب الفهم والعقول أن يبادروا ببر والديهم، فبرهما سبيل للجنة، فقيل أن جاهمة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستشيره في الجهاد ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” ألك والدان ” قلت نعم، قال ” الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما ” رواه الطبراني، ألا فاعلموا عباد الله أن بر الوالدين وصلة الرحم بركة العمر وزيادة الرزق، ثم اعلموا أيها الأبناء أنكم مهما عملتم من أعمال تبرون بها آباؤكم وأمهاتكم فلن تبلغوا بها شيئا من الإحسان إليهما لأن فضلهما لا يجارى وبرهما لا يبارى وكيف تبلغون برهما وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا قيشترية فيعتقه ” رواه مسلم، ولو نظرنا في أحوالنا لوجدنا التقصير الشديد في بر آبائنا وأمهاتنا.
ولربما وقع من البعض العقوق، نسأل الله العفو والسلامة، وعقوق الوالدين له صور عديدة ومظاهر كثيرة قد تخفى على بعض الناس، ومن ذلك أن يترفّع الابن عن والديه ويتكبر عليهما لسبب من الأسباب، كأن يكثر ماله، أو يرتفع مستواه التعليمي أو الإجتماعي ونحو ذلك، وكما أن من العقوق أن يدعهما من غير معيل لهما، فيدعهما يتكففان الناس ويسألانهم، وأن يقدم غيرهما عليهما، كأن يقدم صديقه أو زوجته أو حتى نفسه، وأن يناديهما باسمهما مجردا إذا أشعر ذلك بالتنقص لهما وعدم إحترامهما وتوقيرهما وغير ذلك، وقد يتجاهل بعض الناس فضل والديه عليه، ويتشاغل عما يجب عليه نحوهما، ألا يعلم ذلك العاق أو تلك العاقة أن إحسان الوالدين عظيم وفضلهما سابق، ولا يتنكر له إلا جحود ظلوم غاشم، قد غُلقت في وجهه أبواب التوفيق، ولو حاز الدنيا بحذافيرها ؟
إحسان الوالدين عظيم وفضلهما سابق