المقالات

 نهارك هو ضيفك

جريدة موطني

نهارك هو ضيفك

بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 2 مايو 2024

 نهارك هو ضيفك

الحمد لله على نعمة الصيام والقيام، وأحمد الله واشكره، فإليه المرجع وإليه المآب، واشهد أن لا إله إلا هو، ولقد جعل الله النهار والليل آية لأولي الألباب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد اتقوا الله ربكم حق تقاته، واشكروه على ما أنعم عليكم من النعم، واعبدوا واحمدوا الله، واعرفوا قدر النعم التي أنعمها الله عليكم، واحمده على منه عليكم بمواسم الخيرات والتي تتكرر كل عام، واستغلوا الشهر وتوبوا لله توبة نصوحا، ولا تموتن إلا وأنتم مؤمنون ثم أما بعد اعلم يا ابن آدم، أن نهارك هو ضيفك فأحسن إليه، فإنك إن أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمك، وكذلك ليلتك، وإعلم أن الدنيا ثلاثة أيام، أما الأمس فقد ذهب بما فيه، وأما غدا فلعلك لا تدركه، وأما اليوم فلك فاعمل فيه، فكل يوم يمر عليكم تزدادون بعدا من الدنيا وقربا من الآخرة فاعملوا وتزودوا لها.

فقال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه “ارتحلت الدنيا مدبرة وارتحلت الآخرة مقبلة ولكل واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل” لذلك كانوا لا يندمون إلا على فوات الوقت الذي لم يرفعهم درجة، فقد قال ابن مسعود رضي الله عنه “ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزدد فيه عملي” واعلم يا ابن آدم أن من أصلح سره أصلح الله علانيته، وهي وصية كان العلماء يوصي بعضهم بعضا بها؛ كما جاء عن سفيان الثوري، وابن عون، ومعقل بن عبيد الله الجزري أنهم قالوا “كان العلماء إذا التقوا تواصوا بهذه الكلمات، وإذا غابوا كتب بعضهم إلى بعض أنه من أصلح سريرته أصلح علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس.

ومن اهتم بأمر آخرته كفاه الله أمر دنياه” فانظروا رحمكم الله إلى ظواهركم فأصلحوها، وإلى بواطنكم فطهروها، واحذروا من جميع آفات القول والعمل، وأمراض القلب والنية، واصدقوا مع الله يصدقكم الله وتفوزوا بسعادة الدنيا والآخرة، إنما أنت أيام، فإذا مضى يوم مضى بعضك” فهكذا قالت رابعة لسفيان، وقد قال بعض الشعراء، إذا كان رأس المال عمرك فاحترز عليه من الإنفاق في غير واجب، ويؤكد شيخ الإسلام ابنُ تيمية رحمه الله إن العبد إذا أخذ من غير الأعمال المشروعة بعض حاجته، قلت رغبته في المشروع وانتفاعه به بقدر ما اعتاض من غيره، بخلاف من صرف نهمته وهمته إلى المشروع فإنه تعظم محبته له، ومنفعته به، ويتم دينه، ويكمل إسلامه، ولذا تجد من أكثر من سماع القصائد لطلب صلاح قلبه تنقص رغبته في سماع القرآن.

حتى ربما كرهه، ومن أكثر من السفر إلى زيارات المشاهد ونحوها لا يبقى لحج البيت الحرام في قلبه من المحبة والتعظيم ما يكون في قلب من وسعته السنة، ومن أدمن على أخذ الحكمة والأدب من كلام حكماء فارس والروم لا تبقى لحكمة الإسلام وآدابه في قلبه ذاك الموقع، ومن أدمن قصص الملوك وسيرهم لا يبقى لقصص الأنبياء وسيرهم في قلبه ذاك الاهتمام، ونظير هذا كثير ولهذا عظمت الشريعة النكير على من أحدث البدع، وكرهتها، لأن البدع لو خرج الرجل منها كفافا لا عليه ولا له لكان الأمر خفيفا، بل لابد أن يوجب له فساد منه نقص منفعة الشريعة في حقه، إذ القلب لا يتسع للعوض والمعوض عنه، وخلاصة الكلام ما قاله الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه “إن الله خلق الأيدي لتعمل فإذا لم تجد في الطاعة عملا التمست في المعصية أعمالا،

فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك في المعصية” وإن الشريعة تحث على هذه الخصلة الجميلة، فيقول النبى صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عمر”لا يتناجى اثنان دون صاحبهما، لماذا؟ فإن ذلك يحزنه” وقال أبو صالح فقلت لابن عمر فأربعة؟ قال لا يضرك، فمراعاة لمشاعره أو أنه يتوجس خوفا منهم ماذا يريدون؟ لعلهم يتآمرون عليه خاصة إذا كانوا في معزل من الناس، وهكذا الرابع والخامس، والخامس دون السادس فلا يعزل البعض ويتحدث البعض، ويدخل في هذا أنك حينما تتحدث مع اثنين أو ثلاثة ثم تغير لهجتك وتغير لغتك وهذا أيضا نوع من إيذاء المشاعر، ولعل هذا الإنسان لا يفهم اللغة التي نتحدث بها فلا يتحدث إلا لغته، وذلك حتي لا يكون هناك ظن سوء بكم وخاف وانجرحت مشاعره.

نهارك هو ضيفك

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار