أهمية الصلح والإصلاح
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، إن من مفاتيح رحمة الله تعالي علي العبد المؤمن هي تقوى الله عز وجل، والصبر على المصائب والآلام، والجهاد في سبيل الله تعالى، والتضحية بالنفس والمال، والإنفاق في سبيل الله تعالى، وهناك أوقات وأزمان فاضلة، وأماكن تكثر فيها الرحمات، وتعم فيها الخيرات فمنها ليالي شهر رمضان كلها، والعشر الأواخر خاصة فإذا دخل رمضان فتحت أبواب الرحمة، ومنها يوم عرفة، ومنها المساجد، ومجالس العلم وحلق القرآن، وكما أن من أسماء الله تعالي الحسنى الرحمن، الرحيم، فهو ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع خلقه سبحانه وتعالى ” وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم” والرحمن من الأسماء الخاصة به سبحانه وتعالي.
ولا يجوز أن تنسب لغيره، فقال تعالى ” قل ادعوا الله أو أدعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسني” فيا أيها الإخوة الأحباب إن رحمة الله واسعة، فيقول الله تعالي ” ورحمتي وسعت كل شيء” فرحمة الله تعالي عامة واسعة، هي للمؤمنين في الدارين، فيقول الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف ” فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون” أما بعد فإن من الأسس التي يقوم عليها الأمن والإستقرار وتواجه بها الدعوات الهدامة هو الإصلاح بين الأحزاب والجماعات وبين الأسر والعائلات ولأهمية الصلح والإصلاح ذكره الله تعالى في كتابه أكثر من مائة وثمانين مرة في القرآن الكريم وفي ذلك دلالة على أهميته لاستقامة الحياة بالتعاون والتآلف والمودة والوفاء.
والإصلاح بين المسلمين واجب شرعي وضرورة اجتماعية ومطلب حضاري، ولذلك حث الله تعالى في محكم تنزيله، ووجه اليه الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا أتباعه إلى التصالح وبلورة ثقافة المصالحة بين المسلمين، فهذه الثقافة من شأنها ان تدعم البناء الاجتماعي وتحفظ تماسكه وتقيه مخاطر التصدع والإنهيار، وفي نصائح وتوجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت أحاديث كثيرة في فضائل الصلح بين الناس، وأن السعي بالصلح بين الناس، من افضل العبادات وأحسن القربات التي يتقرب بها الإنسان المسلم إلى الله عز وجل، لذلك خص الله المصلحين بجميل الثناء ووعدهم كريم الجزاء، وأي جزاء وأغلى من جنة الرضوان، وكما يجب علينا أن نعبد الله تعالى حق عبادته.
وعبادته ليست مقصورة على الأركان الخمسة بل هي شاملة لجميع مناحي الحياة في البيت في الطريق في العمل في المدرسة في الأسواق فإذا عبدنا الله عز وجل حق العبادة فستنعدم جميع المخالفات وستختفي جميع التعديات، فيقول تعالى ” فليعبدوا رب هذا البيت الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف” وقال قتادة رحمه الله في هذه الآية “كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلا وأشقاهم عيشا وأجوعهم بطونا وأعراه جلودا وأبينه ضلالا، من عاش منهم عاش شقيا ومن مات منهم ردي في النار، يؤكلون ولا يأكلون، والله ما نعلم قبيلا من حاضر أهل الأرض يومئذ كانوا أشرّ منزلا منهم حتى جاء الله بالإسلام، فمكن به في البلاد ووسّع به في الرزق وجعلهم به ملوكا على رقاب الناس”