الدكروري يكتب عن إقرار العبودية لله تعالي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
وضحت لنا كتب الفقه الإسلامي أن الحاج حين ينتقل من بلده إلى الحج، فهو يخلع ملابسه ليعيش حياة جديدة بالنسك، لها خصائصها ولباسها وأعمالها، والإنسان في الدنيا عبد لله تعالى، شاء أم أبى، والمؤمن قد رضي بعبوديته لله تعالى ومقتضى قَبوله بها يلزمه بواجبات يفعلها، ومنهيّات يجتنبها، وحدود يقف عندها، والحاج حين يتلبس بإحرامه، فقد ألزم نفسه بمناسكه، وأعلن التزامه بها حين قال لبّيك اللهم لبيك أي اتجبت لك يا رب، وعليه أركان وواجبات لا بد من أدائها، ومحظورات لا بد من اجتنابها ما دام متلبسا بالإحرام، فهذا الالتزام بفعل أركان الحج وواجباته، واجتناب محظوراته، هو تربية للمؤمن على الالتزام الدائم بفعل الطاعات ومجانبة المحرمات فإن من قدر على أداء مناسك الحج وتعظيم شعائره.
فهو قادر على الالتزام بتعظيم حرمات الله تعالى في كل زمان ومكان، والمحافظة على أوامره، ومن منع نفسه أثناء إحرامه مما هو مباح له قبل الإحرام، فهو قادر على منع نفسه من المحرّمات طيلة عمره، وانتقال الحاج من نسك إلى نسك يذكره بانتقاله في حياته الدنيا من طاعة إلى طاعة، فالحاج تثقل عليه المناسك، فإذا أخذ نفسه بالعزم وعوّدها على الحزم، أتى بالمناسك على خير وجه، وتحمل فيها المشاق والمكاره، حتى يتم نسكه على أفضل وجه، ومن تقاعس وتثاقل، اجتمعت عليه المناسك، ولربما أخلّ بشيء منها أو ترك ما ينقص نسكه أو يبطله، وهكذا المؤمن إذا أخذ نفسه بالحزم في الطاعات واجتناب المحرمات، هانت عليه واعتادها، ووجد لذتها كما يجد الحاج لذة إتمام النسك.
وإذا تثاقل عن بعضها، ثقلت عليه حتى يفرّط في الواجبات، ويقع في المحرمات، فإن الحج ميدان لأن نربي فيه ألسنتنا وأعمالنا على أن لا نقول، ولا نتصرف إلا على وفق الشرع، هناك أهواء متعددة وهناك آراء مختلفة ولكن لا يجوز أن جعل هذه الأهواء مسيطرة علينا وحكم على الشرع، الله جل جلاله قال ” لا خير فى كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس” فقط هذا هو الذي فيه الخير، صدقة أو معروف وهو ما عرف حسنه في الشرع أو إصلاح بين الناس، وأما ما عدا ذلك فهو عليه وقد تدخل في أن تكون من أهل الفسوق لأن الفاسق اسم فاعل الفسق وهو ضد الصلاح، والصالح من عباد الله هو القائم بحقوقه وحقوق عباده، فالذي يفرط في حقوق العباد.
يفرط في أعراضهم يفرط في أموالهم إلى آخره، فليس من أهل الصلاح، وبالتالي كان من أهل الفسق، فيرجع من حجه وليس من أهل تلك الفضيلة العظيمة، والصالح من عباد الله هو القائم بحقوقه وحقوق عباده، فالذي يفرط في حقوق العباد يفرط في أعراضهم يفرط في أموالهم إلى آخره، فليس من أهل الصلاح، وبالتالي كان من أهل الفسق، فيرجع من حجه وليس من أهل تلك الفضيلة العظيمة.