الداء الذي أفني الأمم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، الذي كان من حسن معاملته صلى الله عليه وسلم لأهله مدحهن، والثناء عليهن، وبيان فضلهن، وما لهن من مزايا، فعن أبي موسى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كمل منَ الرجال كثير، ولم يكمل منَ النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام” رواه البخاري، وكان صلى الله عليه وسلم يستمع لهن، وربما يعاتبنه، ويرددن القول عليه، ويقابل ذلك بالصبر والإحسان.
روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال “كنا معشر قريش نغلب النساء، فلما قدمنا على الأنصار، إذا هم قوم تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يأخذنَ من أدب نساء الأنصار، فصحت على امرأتي فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت ولِما تنكر أن أراجعك؟، فوالله، إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه، وإن إحداهن لتهجره اليوم حتى الليل” رواه البخاري، فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فإن من أسباب هلاك الأمم الركون إلى الدنيا والتسابق فيها، وهو الداء الذي أهلك الأمم السابقة، وهو ما حذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته منه حين حذرها من فتنة الدنيا والتسابق فيها، فكم من أخ قتل أخاه من أجل الميراث؟ وكم من جار قتل جاره من أجل شبر من الأرض ؟
وكم من مسلم قتل مسلما من أجل جنيه؟ وهذا حدث فعلا حينما حدث شجار مع سائق أجرة فاختلفا على جنيه فما لبث أحدهما حتى أشهر مطوى فقتل بها الآخر، فعلى الإنسان أن يرضى بما قسم الله له، وينبغي على كل عاقل أن يعلم أن الرزق مقدر من عند الله، ليس مكتسبا بعلم ولا بعقل، قال بعض الحكماء “لو جرت الأرزاق على قدر العقول لم تعش البهائم” فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم”يقول العبد مالي مالي وإنما له من ماله ثلاث ما أكل فأفنى، ولبس فأبلى وعملى فأبقى” فإذا رأيت من هو أكثر منك مالا، أو ولدا فاعلم أن هناك من أنت أكثر منه مالا، وولدا أيضا، فانظر إلى من أنت فوقه، و لا تنظر إلى من هو فوقك فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم.
“انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن تزدروا نعمة الله عليكم” وإن تحقيق صفة الرضا يقتضي أن تنظر في أحوال الناس الآخرين لتعلم مقدار نعم الله عليك التي قد يحسدك عليها الملايين من البشر، وكما أن التفرق والتحزب والاختلاف من أسباب هلاك ودمار الأمم القديمة والحديثة، وهذا ملموس في واقعنا المعاصر من ضعف في الإيمان، وقسوة في القلوب، وتفرق في الكلمة، واختلال في الصف، ونزاع بين الإخوة، وأحقاد وأطماع، لا يستفيد منها إلا أعداء الإسلام، الذين لا يزيدهم مرور الأعوام إلا قوة وفتوة؟ وقد يبلغ التفرق بالأمة مبلغ الاحتراب والاقتتال، فيفني بعضهم بعضا، ويقتلون أنفسهم ويتركون أعداءهم كما وقع ذلك في كثير من دول الإسلام وتاريخهم، ولا يزال يقع إلى يومنا هذا.
الداء الذي أفني الأمم