المقالات

الدكروري يكتب عن سبب الخيبة والخسران والفشل

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إنه يجب ضرورة تصحيح الأوصاف النمطية التي تصف الإسلام وأهله بالعنف والتطرف،لأن الإسلام دين سلام ودين تسامح والمسلمون ليسوا رهائن للعنف في طبيعتهم الأساسية وأن الإسلام فيه حل لكل الأمور، نعم الإسلام هو الحل لمعضلات شائكة يشهدها العالم اليوم مع الأسف، وإن الإسلام ليس مجرد دين، فهو أيضا أكثر من مجرد مذهب سياسي اجتماعي، فبإمكان الإسلام أن يكون نظرة عالمية تدعو للتوافق مع النظرات العالمية الأخرى، وليس للتصادم معها، وأن الإسلام قادر على أن يكون رمزا للتوافق مع العالم على اختلاف توجهاته، فالسلام هو الأصل الذي يجب أن يسود العلاقات بين الناس جميعا، فالمولى الله سبحانه عندما خلق البشر لم يخلقهم ليتعادوا أو يتناحروا ويستعبد بعضهم بعضا، وإنما خلقهم ليتعارفوا ويتآلفوا ويعين بعضهم بعضا.

ويوحدوه بالعبادة سبحانه، وليعيش الناس في ظله آمنين على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم، ولكن إذا بحثنا عن سبب الضياع والخسران والفشل في هذه الأيام سنجد، أن السبب هو ضعف الهمم، وضياع الذمم، وسوء السيرة، وظلام البصيرة، ألفيتم السبب فقدان الثقة، والثقة أغلى جوهرة وأثمن ثروة، فإذا ضاعت ثقة الجمهور بفرد فقل عليه العفاء، ويقول الله تعالي ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير” ولقد أوذي رسل الله في سبيل الله، وقتل منهم كثير، فما ضعفت لهم عزيمة، وما وهنت لهم همة، وما ازدادوا مع شدة الإيذاء إلا صبرا، ومع غاية السفاهة إلا حلما، ويقول تعالي في سورة آل عمران ” وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين” وهذا نبي الله نوح عليه السلام، وهو الأب الثاني للبشر، لبث في قومه يدعوهم إلى الله تعالى ألف سنة إلا خمسين عاما.

فيقول تعالي في سورة العنكبوت ” ولقد أرسلنا نوحا إلي قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون” وهذا نبي الله إبراهيم عليه السلام خليل الله، ومحبوب الأمم جميعا دعا أباه وقومه إلى ترك الأصنام التي لا تبصر ولا تسمع، ولا تضر ولا تنفع، وإلى ودعاهم إلى عبادة الله الواحد القهار، فاضطهدوه وآذوه حتى ألقَوه في نار امتد لهيبها إلى السماء، فما نالوا من عزيمته، وما فلوا من همته، وهذا هو نبي الله يعقوب عليه السلام، يوصي بنيه بالدأب والبحث عن يوسف وأخيه، وينهاهم عن القنوط والملل، فيقول كما قال تعالي في سورة يوسف ” يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون” وهذا نبينا وحبيبنا محمد صلوات الله وسلامه عليه، تؤذيه قريش إيذاء بليغا، ثم يذهبون إلى عمه أبي طالب.

فيكلمونه غير مرة فيه، حتى يقول يا بن أخي، إن القوم قد جاؤوني مرارا، فأبقي على نفسك، ولا تحمّلني من الأمر ما لا أطيق، فيقول في ثبات وحزم مقالته البليغة، وحكمته الخالدة ” والله يا عم، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر، يعني دين الله والدعوة إليه، ما تركته حتى يظهره الله أو أَهلك دونه ” وهكذا كل إنسان يحدد هدفه ضمن ما يستطيع، ومن موقع عمله، ولعل التاج الذي يُزيّن هذه الأهداف القريبة أو البعيدة، هو إخلاص النية لله والناجح هو إنسان ركب قطارا سيصل حتما كيف ومتى وإلى أين؟ تلك هي الحيثيات والمفارقات، والصعوبات التي حمل معه مجموعة من المهارات والتقنيات من أجل ضبطها، وقلب كل موازين القوى المضادة له ولطريقه ولصالحه.

وهو ذلك الشخص الغائب الحاضر دائما الذي يكتشف بعدنا، ويصل قبلنا، ويفتح الطريق علينا ومَن حولنا، وعلى أعيننا لمناكب جديدة، وهو المضحي بشغف وحذر، وتطلع كبير، ورؤية بعيدة واسعة، يملؤها أو تملؤها روح التحدي واليقين، والإيمان بالنفس والهدف، وهو الشخص الذي يمل ليثابر ويخسر ليربح، ويحزن ليسعد.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار