المقالات
الدكروري يكتب عن الإمة الإسلامية بين الإفراط والتفريط
الدكروري يكتب عن الإمة الإسلامية بين الإفراط والتفريط
بقلم / محمـــد الدكـــروري
هذا كتاب الله العزيز حبل الله المتين، الدستور السماوي في الأرض يُتلى بين أظهركم ويُسمع، لو أنزل على جبل لرأيته خاشعا يتصدّع، فهل سرنا على منهاجه المطهّر؟ وهل طبقناه في كل ورود وصدر؟ وهل حكمناه فيما بَطن من أُمورنا وما ظهر؟ وإن كل شأن كبير أو صغير وكل إحداث أو تغيير يتناقض مع الكتاب والسنة فهو وبال على صاحبه وحسرة على جالبه وشر على طالبه، إياك إياك يا عبد الله أن تكون ممن يقرأ القرآن والقرآن يلعنه، ثم إياك إياك وهجران القرآن والإعراض عن قراءته وتدبره والعمل به، يقول ابن القيم “هجران القرآن أنواع، أحدها هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه، والثاني هو هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه وإن قرأه وآمن به، والثالث هو هجر تحكيمه.
والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه واعتقاد أنه لا يفيد اليقين وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم، والرابع هو هجر تدبره وتفهمه ومعرفة ما أراد المتكلم به منا، والخامس هو هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره ويهجر التداوي به، وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لجبريل عليه السلام وددت أن الله تعالي صرفني عن قبلة اليهود إلي غيرها، وكان يريد الكعبة لأنها قبلة إبراهيم، فقال له جبريل إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئا، فسل ربك أن يحولك عنها إلي قبلة إبراهيم، ثم ارتفع جبريل وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، يديم النظر إلي السماء رجاء أن يأتيه جبريل بما سأله، فأنزل الله تعالى قوله سبحانه كما جاء في سورة البقرة.
” قد نري تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطرة، وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون” كما أصل ورسخ هذا الحدث مبدأ وسطية هذه الأمة، فقال تعالى كما جاء في سورة البقرة ” وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القلبة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبية وإن كانت لكبيرة إلا علي الذين هدي الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم” فالأمة الإسلامية وسط بين طرفي الإفراط والتفريط، لا غلو ولا تقصير ولهذه الوسطية معالمها الشاملة الجامعة فهي وسطية في الاعتقاد والتصور.
ووسطية في الشعائر والتعبد، ووسطية في الأخلاق والسلوك، ووسطية في النظم والتشريع، ووسطية في الأفكار والمشاعر، مجانبة للغلو والتقصير ومن ذلك دعوة الناس إلى عمارة دنياهم وأخراهم على السواء وهذا من اجل السمات التي يجب تحقيقها في الشخصية المسلمة، فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل ربه أن يعمر دنياه وأخراه، فما أكثر ما كان يدعو بهذا الدعاء القرآني الكريم كما جاء في سورة البقرة ” ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار” وكان من دعائه صلي الله عليه وسلم أيضا ” وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي” رواه مسلم، وفى الأخلاق في الإنفاق، يقول تعالى كما جاء في سورة الإسراء ” ولا تجعل يدك مغلولة إلي عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا”
الدكروري يكتب عن الإمة الإسلامية بين الإفراط والتفريط