الدكروري يكتب عن وفاة نبي الله هود عليه السلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن وفاة نبي الله هود عليه السلام
لقد استمرت الرياح مسلطة علي قوم عاد سبع ليال وثمانية أيام لم تري الدنيا مثلها قط، ثم توقفت الريح بإذن ربها، ولم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقى من النخل الميت، مجرد غلاف خارجي لا تكاد تضع يدك عليه حتى يتطاير ذرات في الهواء، وقد نجا نبى الله هود عليه السلام ومن آمن معه، وأهلك الله قوم عاد الذين تجبروا في الأرض وأشركوا بالله، وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته، وبعد هلاك الكافرين من قومه، لحق النبي هود عليه السلام ومن آمن معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا، وكانت أعمار قوم هود عليه السلام بحدود اربعمائة سنة، وتوفي النبي هود عليه السلام وله من العمر مائة وخمسين سنة، وفد اختلف في موضع قبر نبى الله هود عليه السلام فقيل انه بغار بحضرموت.
وقيل أيضا أنه دفن في مكة في حجر اسماعيل عليه السلام أو بالقرب من مكان بئر زمزم، وقد تضمنت قصة نبى الله هود عليه السلام العديد من العبر والعظات، منها أن الغرور والبطر والتباهي بالقوة وشدة البطش يؤدي إلى أسوأ العواقب، وأوخم النتائج، ذلك أن قوم هود كانوا يتفاخرون بقوتهم، ويتباهون ببطشهم، ويتطاولون بشدة بأسهم “وقالوا من أشد منا قوة” ويقولون لرسولهم وهو ينصح لهم كما جاء فى سورة الشعراء ” سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين” فكانت نتيجة تكبرهم وغرورهم، أن أرسل الله عليهم ريحا صرصرا، عصفت بهم عصفا، وجعلتهم عبرة لمن يعتبر، وأيضا مداومة التذكير بنعم الله على عباده، وبيان أن هذه النعم تزداد بشكر الله تعالى، وتنمو بطاعته.
وإن سنة الله تعالى في الكون أن يرسل للبشر كل فترة من الزمن نبيا لهم، ليرشدهم إلى طريق توحيد الله سبحانه، ويرغبهم في نعيم الله تعالى وعطائه، ويخوفهم من عذابه إن حادوا عن الطريق وكفروا به، لكن الله تعالى سبق في علمه بأن قليلا من الناس سيؤمنون ويلتزمون بنصائح نبيهم ذلك بأن الإنسان في طبعه يغلب عليه الكسل، ويغتر بنفسه وقوته، حيث قال الله تعالى ” منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون ” وكما كانت سنة الله تعالى في إرسال الأنبياء مبشرين ومنذرين، جرت سنته كذلك على إلحاق العذاب الشديد بمن كفر بعد أن يمهلهم الوقت للرجوع والإنابة، وكان قوم عاد من الأقوام التي أرسل إليها نبيا فكفروا به وأنكروا قوله، واغتروا بقوتهم وعمرانهم والنعيم من حولهم، فأهلكهم الله تعالى، وأنهى نسلهم.
وكما قال نبى الله هود لقومه” ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ” وإن من المهم للدعاة إلى الله تعالى، أن يجمعوا في أسلوب دعوتهم بين الترغيب والترهيب، ولا يقتصروا على أحدهما إذ في الاقتصار على أحدهما قد لا تحقق الدعوة الغرض المرجو منها، بل قد تأتي بعكس النتائج المرجوة منها، وإن من أعظم العبر المستفادة من هذه القصة، أن الداعي إلى الله تعالى عندما يخلص في دعوته، ويعتمد على الله سبحانه في تبليغ رسالته، ويغار عليها كما يغار على عرضه أو أشد، فإنه في هذه الحالة سيقف في وجه الطغاة المناوئين للحق كالجبل الراسخ، الذي لا تنال منه ريح عاصف، ولا سيل جارف، بل يقف شامخا برأسه، لا يلوي على أحد يعترض سبيل دعوته، لأنه يأوي إلى ركن شديد.
الدكروري يكتب عن وفاة نبي الله هود عليه السلام