الدكروري يكتب عن النيل وبناء الحضارة المصرية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن من العوامل الهامه في بناء الحضارة المصرية هو نهر النيل حيث يشكل نهر النيل ظاهرة مميزة في شمال إفريقيا، حيث إنه النهر الوحيد الذي شق الصحراء الكبرى حاملا جزءا من الثروات المائية في إفريقيا الاستوائية إلى مصر، كما يُعد نهر النيل النهر الأطول في العالم، وكما أن نهر النيل ذو امتداد جغرافي شاسع خلال القارة الإفريقية، وتشكل هذه المساحة عشر دول هي من الجنوب إلى الشمال، تنزانيا، ورواندا، وبوروندي، والكونغو الديمقراطية، وكينيا، وأوغندا، وأثيوبيا، وإريتيريا، والسودان، ومصر، وإن من العوامل أيضا هى الثروات المعدنية حيث كانت الخطوة الحضارية الكبيرة في فجر التاريخ المصري هي اكتشاف الإنسان المصري القديم لكيفية استخراج المعادن.
حيث اهتدى الإنسان المصري لاستخراج معدن النحاس، ومما سهل عملية استخراجه قربه من سطح الأرض، حيث لا يحتاج لعمليات معقدة لاستخلاصه وتعدينه وقد تعلم المصريون بعد ذلك كيف يتم تشكيله، واستخدموه في صناعاتهم البسيطة كالمثاقب، وأغراض الزينة، ولقد ساهمت مجموعة عوامل القوة الطبيعية في مصر القديمة إسهاما كبيرا في إنتاج مظاهر فريدة ومميزة في تلك البقعة، ومن هذه المظاهر هو النمو السكاني، حيث بدأت التجمعات السكّانية تظهر في مناطق وادي النيل، وكان من أبرزها إقليم النوبة والذي يقسم إلى النوبة الجنوبية، والنوبة الشمالية، إقليم أدفو واسنا، وإقليم ثنية قنا، وإقليم مصر الوسطى، وإقليم الدلتا، والأقاليم الصحراوية على جانبي النيل.
وقد كان لهذه الأقاليم والتجمعات دور بارز في إحداث نهضة إنتاجية وسياسية خلال ما تقدم من الزمان، ومن العامل أيضا هى الزراعة حيث كان الإنسان قبل العصر الحجري يعتمد اعتمادا رئيسيا على ما يقنصه من الصيد، أو على النباتات التي تجود بها الأرض وقد ظل المصري يعيش على هذا النمط حتى اهتدى إلى فكرة الزراعة، حيث بدأ ينتج غذاءه بنفسه، وبسبب طبيعة الجغرافيا المصرية ووجود نهر النيل الذي ساهم عبر فيضانه الدوري في تشكيل مساحة تعدّ من أخصب بُقع الأرض، استغل الإنسان المصري هذه الفكرة لإنتاج الحبوب والمزروعات، وشهد ذلك العصر ازدهارا في الزراعة وتربية الحيوانات، وهذا ما وفر له الأمان، والاكتفاء.
والاستقرار للمصريين في أرض الحضارة المصرية، وكان لهذا التطور الأثر البارز في إنجاز الحضارة المصرية العظيمة، ولقد مر الإنسان الأول بمرحلتين مهمتين، الأولى جمع القوت، والأخرى إنتاج القوت، وكان ذلك بفضل الله تعالى ثم بفضل فيضان النيل وتعرف الإنسان القديم على الزراعة، حيث اتخذ تلك الأرض مسكنا ومستقرا، وبدأ بعدها بصناعة التماثيل ليعبّر عن نشاطاته من خلالها، وبدأ يخط على الصخور نقوشا ليصف ما يدور حوله في الكون، وعند انتشار السكان الكثيف في مصر، وبتطور العقائد الدينية المصرية القديمة أضحت الحاجة إلى وسيلة ثابتة للتخاطب وتسجيل الأحداث المهمة أمرا ضروريا، وبعد جهد كبير بذله المصريون آنذاك، توصلوا إلى الكتابة لينتقلوا وقتها من عصور ما قبل التاريخ، إلى العصور التاريخية، وبذلك دخلوا مرحلة الانبعاث الحضاري.