المقالات

الدكروري يكتب عن إنحراف بني إسرائيل عن الشريعة

الدكروري يكتب عن إنحراف بني إسرائيل عن الشريعة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن إنحراف بني إسرائيل عن الشريعة

إن بني إسرائيل عندما انحرفوا عن شريعتهم وغيروا ما بأنفسهم سلط الله عليهم أهل فلسطين، فغلبوهم على أمرهم، وأخرجوهم من ديارهم، وحالوا بينهم وبين أبنائهم، وأخيرا أخذوا التابوت منهم، فانفصمت عروتهم، وتصدعت وحدتهم، ثم استكانوا إلى ذل وهوان، وظلوا على ذلك حقبة من الدهر، حتى كان نبيهم صمويل، ففزع إليه نفر منهم أرادوا أن يتجافوا بأنفسهم عن مطارح الهوان، وينزعوا بها من معرة الامتهان، وطلبوا إليه أن يختار لهم ملكا يأتلفون حول رايته، ويجمعون أمرهم تحت زعامته، لعلهم به يغلبون العدو، ويكتب الله لهم النصر، فقال لهم وهو يعرف الضعف فيهم إني أتوقع تخاذلكم إذا كتب عليكم القتال، قالوا كيف نتخاذل وقد أخرجنا من ديارنا وحيل بيننا وبين أبنائنا؟ 

 

وأي حال أسوأ مما نحن فيه؟ وأي ذل أشد مما ابتلينا به؟ قال صمويل لهم دعوني أستخير الله تعالى في أمركم، وأستوحيه في شأنكم، فلما استخار الله عز وجل أوحي إليه أني قد اخترت عليهم طالوت ملكا، قال صمويل يا رب إن طالوت رجل لم أعرفه بعد، ولم أره من قبل، فأوحى إليه إني مرسله إليك وسوف لا ترى عسرا في لقائه، ولا جهدا في تعرف ملامحه، فأعطه الملك، وسلمه راية الجهاد، وكان طالوت رجلا طويلا فارعا، قوي الجسم ذكيا، ولكنه لم يكن معروف أو مذكور، فكان يقيم مع أبيه في قرية من قرى الوادي، يرعى له الماشية، ويفلح الأرض، ويصلح الزرع، وفيما هو في شأنه في الحقل مع أبيه ضلت منه الأتان وهى أنثى الحمار، فخرج مع غلامه ينشدانها في شعاب الوادي، وبحثا عنها أياما حتى تعبا. 

 

فقال طالوت لغلامه هيا بنا نعود أدراجنا، فإني أعتقد أن القلق استولى على أبي، وأخشى أن يهمل الأتان فيخرج للبحث عنا، قال الغلام إنا الآن قد وصلنا إلى أرض صوف موطن النبى صمويل، وهو فيما قيل عنه أنه نبي يأتيه الوحي وتهبط عليه الملائكة، هلم إليه نستوضحه بشأن الأتان لعلنا نستضي برأيه، أو نهتدي بوحيه، فارتاح طالوت لهذا الرأي، وتجدد لديه الأمل بأن يجد الأتان، ولقيا في طريقهما إلى صمويل فتيات خرجن يستقين الماء، فطلبا إليهن أن يرشدهما إلى نبي الله صمويل، فقلن لهما إن الشعب ينتظره فوق هذا الجبل، وهو يوشك الآن يجيء، وبينما هما في الحديث معهن إذ طلع صمويل يفوح منه رائحة النوبة، وتحدث ملامح وجهه عن نبي كريم ورسول أمين، والتقت عينا طالوت بصمويل. 

 

فتعارفت أرواحهما، واتصلت نفوسهما، ووقع في قلب صمويل أن هذا طالوت الذي أوحى الله تعالى إليه بتمليكه، وأعلمه بأنه يحمل أعباء الزعامة والسلطان، فقال طالوت إنني طلبتك يا نبي الله مستوضحا مسترشدا، إن لأبي أتانا ” أي حمارة ” ضلت في شعاب هذا الوادي، وقد خرجت في إثرها مع هذا الغلام نتعرف الطريق ونقفو الأثر، فما ظفرنا بعد ثلاث إلا بخيبة، وما عندنا إلا بكواذب الآمال، وقد جئناك لعل فيضا من علمك يهديننا إليها أو يدلنا عليها، فقال نبى الله صمويل أما الأتان فهي في طريقها إلى أبيك، فلا تربط قلبك بها، ولا تعلق جبال ذهنك فيها، ولكني أدعوك لأمر أجل خطرا وأعظم قدرا، إن الله قد اختارك على بني إسرائيل ملكا، تجمع كلمتهم، وتحزم أمورهم، وتخلصهم من أعدائهم، وسيكتب الله لك إن شاء الله النصر، ولأعدائك الكبت والخذلان. 

الدكروري يكتب عن إنحراف بني إسرائيل عن الشريعة 

الدكروري يكتب عن إنحراف بني إسرائيل عن الشريعة

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار