الدكروري يكتب عن التمسك بالقانون الإلهي
الدكروري يكتب عن التمسك بالقانون الإلهي
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ونحن نعيش في هذا الزمان الذي كثرت فيه البدع والأقاويل يجب علينا أن نعلم بأن التمسك بالقانون الإلهي السماوي هو طريق الازدهار والعيش الحسن، وقد عالج القرآن الكريم هذه القضية وربط بين العيش الحسن للأشخاص واتباعهم قوانين الله عز وجل، بشكل لا يقبل التأويل فسبحان الله العظيم يقول في سورة الجن “وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا” وهذا الربط والتلازم ينطلقان على أساس وحدانية الله سبحانه وتعالى وبالتالي وحدة القوانين التي تحكم هذا الكون، فالقوانين الدقيقة التي تحكم الطبيعة من صنع الله سبحانه وتعالى، الذي هو مصدر القوانين الاجتماعية والطبيعية، وهذه القوانين تجري في تناسق كامل، وجريانها يؤدي إلى قيام المجتمع المتماسك القادر على الاستمتاع بالحياة بكل أبعادها.
مع الانصياع للإرادة الإلهية، فكان صلى الله عليه وسلم يطيّب خواطر هؤلاء الذين أثقل كاهلهم الدين، ولا يجدون ما يواجهون به مهمات الحياة ووظائفها كالزواج، فقد دخل صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال صلى الله عليه وسلم يا أبا أمامة، مالي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة؟ قال هموم لزمتني، وديون يا رسول الله، قال أفلا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله تعالى همك، وقضى عنك دينك، قلت بلى يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم قل إذا أصبحت، وإذا أمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهم، والحزن، وأعوذ بك من العجز، والكسل، وأعوذ بك من الجبن، والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين، وقهر الرجال، قال أبو أمامة ففعلت ذلك.
فأذهب الله همي وقضى عني ديني، إذن قد يكون تطييب الخاطر بدعاء يعلمه ذلك المصاب، قد ينبغ في المسلمين نابغة، ويفي للحق غلام، ويكون صادقا في نقله، حريصا على مصلحة الإسلام، واعيا لمؤامرات المنافقين، لكن لا يكون له إثبات في نقله، أو مستند، وحجة في مواجهته لهؤلاء المنافقين وهو صغير السن، فلا يؤخذ بقوله، بل يستنكر عليه فينكسر، فينزل الله قرآنا في تطييب نفس ذلك الغلام، عن زيد بن أرقم رضى الله عنه أنه لما سمع قول عبد الله بن أبي لأصحابه وكان بمعزل عن جيش المسلمين، ولم يأبهوا لذلك الغلام، فقال عبد الله المنافق لأصحابه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل “أبلغ زيد عمه، وأبلغ العم رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة خطيرة جدا.
أرسل النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن أبي، جاء، وحلف، وجحد، قال زيد فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وصار اللوم على زيد، كيف تنقل مثل هذا الكلام الخطير، أنت غلام لا تعلم ماذا يترتب على مثل هذا الكلام” قال زيد فوقع علي من الهم ما لم يقع على أحد، فبينما أنا أسير قد خفقت برأسي من الهم، فإن هذا غلام انكسر قلبه وخاطره من جراء رد قوله، ولوم الناس له وهو صادق، إذ أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرك أذني، وضحك في وجهي، فما كان يسرني أني لي بها الخلد في الدنيا، وهو سبب نزول قول الله تعالى في سورة المنافقون “يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ” وقد صدّق الله أذن الغلام، وأنزل تصديقه في كتابه، وأنزل آيات إلى يوم الدين تتلى.
شاهدة على البر والوفاء، وعلى الوعي، وسرعة تبليغ النبي صلى الله عليه وسلم بما حصل، وهذا من مقتضيات الإيمان في مواجهة أهل النفاق والكفران، يحتاج الناس دائما إلى كلمة حانية، ومواساة كريمة، وذلك لكثرة حوادث الدنيا، وهؤلاء المنكسرين من الفقراء، والأرامل، والأيتام، وإن أحكام الشريعة جاءت بمراعاة الخواطر وجبرها، وتطييب النفوس عند كسرها، فشرعت الدية في جبر الخطأ جبرا لنفوس أهل المجني عليه، وتطييبا لخواطرهم، واستحبت التعزية لأهل الميت، لتسليتهم ومواساتهم، وتخفيف آلامهم، ومن حكم زكاة الفطر جبر قلوب الفقراء، ليفرحوا بالعيد كما يفرح به الأغنياء.