مراة ومنوعات

ما ظنك باثنين الله ثالثهما

ما ظنك باثنين الله ثالثهما

بقلم / هاجر الرفاعي

 

بسم الله والحمد لله ولا إله إلا الله والصلاة والسلام علي سيدنا ونبينا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم، فإن الإنسان مبتلى في حياته، فيمكن أن يُبتلى في نفسه، أو ماله أو أولاده، فما عليه إلا أن يصبر، وقد يكون الامتحان والابتلاء تمحيصا لإيمان المؤمن، وقد يكون ترقية لدرجاته، وقد يكون تكفيرا لذنوبه وسيئاته، فإن صبر المؤمن على ما ابتلي به وامتحن فإنه يهيئ نفسه للعيش بمعية الله سبحانه وتعالي ويقول الله سبحانه وتعالى ” وإن الله لمع المحسنين”

 

فعلينا أن نكون من المحسنين خُلقا وسلوكا، عبادة وعملا، مادة ومعنى، ويجب أن يظهر أثر هذا الإحسان على سلوكنا في معاملاتنا مع جميع الخلائق، وإن الشعور بمعية الله يخلص القلب من الخوف إلا من الله عز وجل، فلقد أصاب الصحابي الجليل أبا بكر رضي الله عنه شيء من الخوف والاضطراب لا على نفسه، إنما على الإسلام، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن حماية أبي بكر رضي الله عنه ودفاعه وتأييده للنبي عليه الصلاة والسلام إنما هي حماية للإسلام، ودفاع عن الشريعة، ودعم لهذا الدين العظيم الذي سخر الله تعالى له جنودا كثيرين.

 

منهم من كان يعمل سرا بأمر من الله تعالى، ومنهم من كان يعمل جهرا كسيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي سخر نفسه، وولده عبد الله، وابنتيه أسماء وعائشة، ومولاه عامر بن فهيرة ليكونوا جميعا في خدمة الإسلام ورعاية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذه الأثناء كانت قريش قد أعلنت عن الجائزة الكبرى لمن يأتي بمحمد عليه الصلاة والسلام وصاحبه أحياء أو ميتين، وهذه الجائزة كانت مئة ناقة من كرام نوق العرب، فطمع بها الطامعون، وسعى إليها الساعون، وأمر طبيعي أن يسعى الناس إلى جائزة، لكنهم لم يدركوا أن الله تعالى يحمي ذلك المطارد الذي يلاحقونه، وأنه سيجعل معجزة عظيمة عندما يصلون إلى فم الغار.

 

ووصلوا فعلا إلى أسفل الجبل حيث قال متتبّع الأثر: إلى هنا انقطع الأثر، فصعدوا الجبل لعلهم يجدونهما هناك، فلما أن وصلوا إلى فم الغار وبدؤوا يبحثون في قمة الجبل اضطرب قلب الصحابي الجليل أبي بكر رضي الله عنه، وخشي أن يظفر أولئك القوم برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، لو أن أحدهم نظر إلى أسفل قدميه لرآنا، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: “يا أبا بكر، ما ظنك باثنين اللهُ ثالثهما؟” رواه مسلم، ثم أنزل الله سبحانه وتعالى على قلب رسوله صلى الله عليه وسلم ما يؤكد هذا المعنى، فيقول تعالي في سورة التوبة ” إذ يقول لصاحبة لا تحزن إن الله معنا”

 

والقرآن الكريم عندما كان يتحدث عن الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار ثور حيث قال تعالي : ” إلا تنصروة فقد نصرة الله ” فيا أهل مكة، ويا قريش ويا أيها العرب إذا لم تجتمعوا على نصرة محمد صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى نصره، وأيّده، ولم يتخلّ عنه ولن يتخلى عنه أبدا، ولقد أخرجه أهل مكة بعد جهاد طويل معهم، وعروض مغرية، عرضوا عليه المال والنساء والجاه والسيادة عن طريق عمه أبي طالب، لكن النبي عليه الصلاة والسلام كان يُعلن عن ثبات موقفه ومبدئه فيقول “والله يا عمّ لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يُظهِره الله أو أهلك دونه”

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار