حفظ اللسان من الكذب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
حفظ اللسان من الكذب
لقد أمرنا الإسلام بحفظ اللسان والجوارح، وأخبرنا بأن اللسان هو العضو الذي يستطيع أن يتحكم في أعضاء الجسم حيث تقول له الجوارح اتقي الله فينا فإنك إذا استقمت استقمنا، وإذا إعوججتغ إعوججنا، وقال الإمام النووي رحمه الله في رياض الصالحين” واعلم أنه ينبغي لكل مكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام إلا كلاما ظهرت فيه المصلحة، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة، فالسنة الإمساك عنه، لأنه قد ينجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه، وذلك كثير في العادة، والسلامة لا يعدلها شيء” وأيضا كما قلنا صدق النية والإرادة، ويرجع ذلك إلى الإخلاص، وهو أن لا يكون له باعث في الحركات والسكنات إلا الله تعالى، فإن مازجه شوب من حظوظ النفس بطل صدق النية، وصاحبه يجوز أن يسمى كاذبا.
ومن هنا يقول الله عز وجل فى كتابه الكريم كما جاء فى سورة محمد ” فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم ” أي فإذا جد الحال وحضر القتال، فلو أخلصوا النية لله لكان خيرا لهم، وفي الحديث الشريف عن أبى هريرة رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” أول ثلاثة تسعر بهم النار، عالم ، ومتصدق ، وشهيد” وأن الله يقول لكل منهم، كذبت وإنما قرأت، أو تصدقت، أو قاتلت ليقال كذا وكذا “الحديث بتمامه في صحيح مسلم، أي وليس صدقا في طلب الثواب من الله عز وجل، وكذلك صدق الوفاء بالوعد والعهد، فالصدق في الوفاء بالعهد من صفات الأنبياء والمرسلين، فالإنسان إذا عاهد عهداً مع الله أو مع الناس لابد أن يصدق في عهده ووعده، وكذلك الصدق في مقامات الدين، وهو أعلى الدرجات وأعزها.
ومن أمثلته هو الصدق في الخوف والرجاء والتعظيم والزهد والرضا والتوكل وغيرها من الأمور، وكذلك الصدق في التجارة والمعاملات، فالصدق في المعاملات يورث الثقة بين المتعاملين كما أنه سبيل إلى بركة البيع والشراء، وهكذا فإن إن الصدق من الصفات الحميدة ولكن كيف اتحلى به ؟ وكيف اكتسبه ؟ وما هي الوسائل المعينة عليه ؟ لأن الصدق شديد على النفس ولهذا قال ابن القيم رخمه الله” حمل الصدق كحمل الجبال الرواسي، لا يطيقه إلا أصحاب العزائم، فهم يتقلبون تحته تقلب الحامل بحمله الثقيل، والرياء والكذب خفيف كالريشة، لا يجد له صاحبه ثقلا البتة، فهو حامل له في أي موضع اتفق، بلا تعب ولا مشقة ولا كلفة، فهو لا يتقلب تحت حمله ولا يجد ثقله” ومن وسائل اكتساب الصدق، هو مراقبة الله تعالى.
فإن إيمان المرء بأن الله عز وجل معه، يبصره ويسمعه؛ يدفعه للخشية والتحفظ، وكذلك من وسائل إكتساب الصدق هو الحياء، لأن الحياء يحجب صاحبه عن كل ما هو مستقبح شرعا وعرفا وذوقا، والمرء يستحيي أن يعرف بين الناس أنه كذاب، فالمسلم أولى بالحياء من ربه أن يسمعه يقول كذبا، أو يطلع على عمل، أو حال هو فيه كاذب، وأيضا صحبة الصادقين، فقد أمر الله المؤمنين أن يكونوا مع أهل الصدق، أي اقتدوا بهم واسلكوا سبيلهم، وهم الذين استوت ظواهرهم وبواطنهم، وصدقوا في أقوالهم وأعمالهم، وأيضا إشاعة الصدق في الأسرة، فالإسلام يوصي أن تغرس فضيلة الصدق في نفوس الأطفال، حتى يشبوا عليها، وقد ألفوها في أقوالهم وأحوالهم كلها.