الدكروري يكتب عن الصحابة في العشر الأوائل
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة أنه كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا، وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه، ومجلسه، وممشاه تلك الأيام جميعا، وأيضا من الفضل والثواب هو شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم لها بأنها أفضل أيام الدنيا، فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال” أفضل أيام الدنيا أيام العشر” ويعني عشر ذي الحجة، قيل ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب” رواه البزار وابن حبان.
وقال صلى الله عليه وسلم “أفضل أيام الدنيا أيام العشر” ولذلك فإن العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالي منه في بقية العام، وقال ابن كثير وبالجملة فهذه العشر أفضل أيام السنة كما نطق به الحديث، وفضلها كثير على عشر رمضان الأخيرة لأن هذا يشرع فيه ما يشرع في ذلك من صلاة وصيام وصدقة وغيره، ويمتاز هذا باختصاصه بأداء فرض الحج فيه، وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أيهما أفضل عشر ذى الحجة أم العشر الأواخر من رمضان؟ فأجاب أيام العشر من ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة، وقال ابن القيم رحمه الله وإذا تأمل الفاضل اللبيب هذا الجواب وجده شافيا كافيا.
فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذى الحجة وفيها يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية، أما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها وفيها ليلة خير من ألف شهر، ونخلص من ذلك أن أيام العشر من ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان لاشتمالها على يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة لاشتمالها على ليلة القدر، وإن من الفضل والثواب أنها من جملة أربعين موسى عليه السلام، وهي العشر المذكورة في قوله تعالى “وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة” وقال ابن كثير بأن الأكثرون على أن الثلاثين هي ذو القعدة وعشر ذي الحجة.
وقال بذلك مجاهد، ومسروق، وابن عباس وابن جريج، وغيرهم، وعن جابر رضي الله عنه قال “وأتممناها بعشر” قال هى عشر الأضحى، وعن مجاهد قال ما من عمل من أيام السنة أفضل منه في العشر من ذي الحجة، قال وهي العشر التي أتممها الله عز وجل لموسي عليه السلام، ومن الفضل والثواب أنها ضمن أيام الأشهر الحرم، وأن الله أكمل فيها الدين وأتم علينا النعمة، ففي يوم عرفه كمل الدين وكأن الله جعل عيد الفطر لبداية نزول القرآن في رمضان، وعيد الأضحى لإكمال الدين في فريضة الحج، فكان نزول القرآن بداية ونهاية مقرونا بفريضتين عظيمتين هما الصيام والحج وعيدين سعيدين هماعيد الفطر والأضحى.