اخبار

المجالس الثقافية انطلاقة تنويرية

المجالس الثقافية انطلاقة تنويرية

 

بقلم ا. رحاب هاشم 

متابعة : أحمد طه 

 

هي نافذة لإثراء الفكر والإبداع وملتقى القادة والمفكرين فتعد إرثا فكريا في الدول الخليجية لأهمية التنوير وتعزيزا للحوار بين الأجيال من خلال المعرفة والمشاركة ورمزا للهوية الوطنية للتواصل الإنساني وبناء الفكر في تطوير المجتمعات ولذلك تعتبر من أبرز التقاليد الاجتماعية في دول الخليج العربي

 

 ومن المعتقد أن المجالس أو الديوانية بدات كجزء من الحياة الاجتماعية في الجزيرة العربية منذ مئات السنين حيث كانت تستخدم للتجمعات الشعرية ومناقشة الأمور الحياتية ومع مرور الوقت تطورت لتصبح جزءا أساسيا من الحياة الاجتماعية والسياسية في الخليج فكلمة ديوان كانت تستخدم للإشارة إلى مجالس الحكام في العصور الإسلامية 

 ‏

 ‏وتبرز أهميتها أنها تعد مركزا للنقاشات وتبادل الآراء فنجد ديوانيات خاصة وديوانيات عامة ولكل منهما طابع ودور مميز في المجتمعات فالديوانيات الخاصة غالبا تكون منفصلة عن المنزل أو ملحقة به وترتبط بأسر وعشائر معينة فعادة ماتخصص لأفراد العائلة لمناقشة قضايا الأسرة وأمورهم اليومية ولوصل صلة الرحم أو لاستضافة الأصدقاء بشكل منتظم أما الديوانيات العامة فهي مفتوحة لكل من يريد الحضور بغض النظر عن علاقته بصاحب الديوانية وتكون أكثر رسمية من الخاصة ويتم فيها مناقشة مواضيع سياسية

 ‏

 ‏

 ‏ فقد تعد منبرا للمرشحين لكسب الأصوات بمجلس الأمة وقد تكون ملتقى التجمعات الاجتماعية في المناسبات كالاحتفال بالانتصارات والتهنئة بالأعياد والتكريم بالانجازات والنجاحات التي يحققها أفراد المجتمع من العلماء المشهورين والفنانين ودروس ومسابقات دينية مع نخبة من الشيوخ المتخصصين كديوانية العسعوسي والمقهوي في الكويت التي تعرف بتأثيرها السياسي والاجتماعي ‏وكذا مجلس الشيخ زايد بالإمارات ومجلس الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في قطر ومجلس آل جودر في البحرين للنقاشات واللقاءات الثقافية والاجتماعية وكذا مجلس الشيخ محمد بن زايد في السعودية فهذه المجالس ليست مجرد أماكن بل تعد ظاهرة اجتماعية بارزة في دول الخليج وجزء من الهوية الثقافية والاجتماعية والسياسية لهذه الدول

 ‏

 ‏

 ‏ ولتكريس الوحدة الوطنية ورمزا للتواصل والتفاعل الاجتماعي الذي يعكس ثقافة الكرم والانفتاح وتقابلها في مصر ودول العالم تقاليد مشابهة مثل الصالونات الثقافية والأدبية والمقاهي الشعبية في مصر التي تعتبر أماكن مشابهة للتجمعات الاجتماعية فازدهرت خلال عصر النهضة وعصر التنوير النوادي الثقافية في أوروبا كجزء من الحركة الفكرية والاجتماعية تجمع المثقفين والفنيين والأدباء الأفكار الجديدة وتبادل المعرفة ففي القرن السابع عشر والثامن عشر أقيمت الصالونات الأدبية في فرنسا في منازل النبلاء والمثقفين لمناقشة الأدب والفلسفة والسياسة مثل صالون مدام دي ستايل ونادي القهوة في بريطانيا لمناقشة التطورات العلمية والفكرية والنوادي الموسيقية والفنية في ألمانيا والنمسا

 ‏

 ‏

 ‏ التي ظهرت في القرن التاسع عشر وركزت على الموسيقى الكلاسيكية والفنون البصرية مثل نادي فيننا الذي كان يضم موسيقيين مثل بتهوفن وتطورت هذه النوادي الآن لتصبح مؤسسات ثقافية رسمية مثل المتاحف والجمعيات الأدبية والمراكز الثقافية التي تقام في المدن الكبرى مثل باريس وبرلين ولندن وفي أوائل القرن العشرين بدأت الصالونات الثقافية تقام في مصر في منازل المثقفين والأدباء ومن أشهرها صالون الأديبة مي زيادة الذي كان يعتبر منارة ثقافية تجمع رموز الفكر والأدب أسبوعيا فكان يجمع كبار الأدباء مثل طه حسين وعباس العقاد وأحمد شوقي وصالون الدكتور عبدالمنعم تليمة امتد لأكثر من نصف قرن وكان يركز على مناقشة القضايا الأدبية والفكرية وصالون محمد جبريل الذي يقام بانتظام كل شهر لكنه توقف مؤخرا بسبب ظروف صحية ومجالس نوبية وفي الأقصر وأسوان

 ‏

 ‏

 ‏ تعتبر جزءا من التراث الثقافي والاجتماعي في جنوب مصر حيث تعكس تقاليد الضيافة باستضافة الزوار والتواصل الاجتماعي والمناسبات الخاصة مثل الأفراح أو المناسبات الدينية وتبادل الأحاديث وسرد القصص التراثية والغناء النوبي التقليدي فتعد رمزا للترابط الاجتماعي بين أفراد المجتمع النوبي وكذا صعيد مصر بمجالسه القبلية لمناقشة القضايا القبلية والاقتصادية وغالبا ماتكون بقيادة كبار القبيلة ومجالس المناسبات في الأفراح والعزاء والمجالس الثقافية لمناقشة مواضيع فنية وأدبية ولا ننسى المجالس النسائية التي تركز على التوعية بالقضايا الصحية والاجتماعية والأنشطة الثقافية كالقراءة وتعليم الفنون التقليدية كالتطريز والغناء وإعداد الأكلات الشعبية 

 ‏

 ‏ولكنها تتخذ شكل تجمعات في المنازل أو ضمن مجموعات تنظم لقاءات فنية أو أدبية كذا المجالس النسائية في الخليج العربي فالمجالس أو الديوانيات تلعب دورا في الحفاظ على التراث المحلي ونشر القيم الأخلاقية وتستخدم لنقل الخبرات والتقاليد وحل المشكلات الاجتماعية وتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع ومع التطور التكنولوجي

 ‏

 ‏ ظهرت الصالونات الرقمية و الصالونات الأدبية الافتراضية التي تقام عبر الإنترنت في مواقع متعددة مما يتيح للمشاركين من مختلف أنحاء العالم الانضمام لتشجيع الحوار الثقافي العالمي وتوسيع الأفق الفكري وتوفير منصات للنقاش مع الأدباء والفنانين أنفسهم توفر بيئة للتفاعل بين أشخاص من خلفيات ثقافية وجغرافية مختلفة. مما يشجع تبادل الأفكار والرؤى

المجالس الثقافية انطلاقة تنويريةالمجالس الثقافية انطلاقة تنويرية

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى