
—
هنا نابل بقلم المعز غني
المرأة ” الزوهريّة ” وجمالها الفتّان …
في عوالمٍ تتوارى خلف ستائر الغيب ، وُلدت المرأة الزوهرية لا كغيرها من بنات حواء ، بل ككائنٍ من ضوءٍ وندرة تحمل في عينيها سرًّا لا يُفك ، وفي ملامحها لغة لا تُقرأ إلا ببصيرةٍ فريدة. هي ليست فقط امرأة ، بل قصيدةٌ تمشي على الأرض نسجتها خيوط الغيب بحرفيةٍ خفيّة ، فجمعت بين الواقع والأسطورة في خلطةٍ لا يدركها سوى من شرب من نبع الغموض.
يقال إن الزوهريّة تعرفها من عينيها ، من الخط المتصل في كفّها من بريقٍ لا يخبو في نظرتها جمالها ليس مجرد تناسق ملامح ، بل هو فتنةٌ هادئة ، سكونٌ يخفي عاصفة حضورها يترك أثراً كما تفعل النجوم في سماءٍ معتمة ؛ لا تُعلِن عن نفسها ولكن من يراها لا ينساها.
إنها تحمل ذلك الجمال الذي لا يُفسَّر بل يُشعر به وجمالٌ أخاذ ينفذ إلى الأعماق ، يشعل الخيال ، ويترك القلب معلقاً بين الحيرة والانبهار.
لا عجب أن تُحيط بها الأساطير ، وتنسج حولها الحكايات فهي بنت السرّ ومحبوبة المجهول.
المرأة الزوهرية لا تشبه أحداً ، لأنها ببساطة لا تنتمي لهذا العالم وحده فهي ظلٌّ من نور ، وخيالٌ من الحقيقة قد تراها تمرّ ، فتظنها عابرة وما هي إلا لحظةً تستقر في الوجدان مدى الحياة.
في زوايا الحياة المتقلبة ، حيث يختلط الجمال بالمعنى ، تبرز صورة ” المرأة المزهرية ” كرمزٍ أنيق ومربك في آنٍ واحد ، جميلة كتحفة فنية ، متألقة كأزهار ربيع لا تذبل ، لكنها مغروسة في صمت ، في دورٍ مرسوم لها مسبقًا ، لا يتعدى حدود الزينة والإعجاب.
المرأة الزوهرية ليست عديمة الحسّ أو الفكر ، لكنها محاصرة في قالب صنعته العيون التي لا ترى فيها إلا مظهرًا فاتنًا وجمالًا آسرًا. هي إمرأة أُعجِب بها الناس كما يُعجبون بلوحة ثمينة تُعلّق على الجدار ، لا تتحرك ، لا تُسمع ، لكنها تُبهر وجهها ساحر كضوء القمر ، نظراتها تحمل وعدًا لا يُقال ، لكنها قلّما تُمنح فرصة لتقول شيئًا آخر غير إبتسامة تُرضي من يتأملها.
ما أقسى أن يُختزل الكيان في الجمال ، وأن يتحوّل الجسد إلى واجهة تُعرض خلف زجاج من التوقعات.
المرأة الزوهرية قد تبدو ساكنة ، لكنها في داخلها عاصفة من أحلام مؤجلة ، وصوت مبحوح لم يُمنح لحظة للكلام .
وهنا تنبع المفارقة : هل الجمال هبة أم قيد …؟ هل هو بوابة للإعجاب أم سجن للهوية …؟ كم من إمرأة طُمست ملامح عقلها وثراء روحها، فقط لأن عينيها كانت أجمل من أن تُقابل بكلمات ، ولأن حضورها أخذ الأنفاس بدل أن يفتح أبواب الحوار ؟
لكن المرأة الحقيقية ، وإن وُضعت في مزهرية ، تبقى بذرة حياة. جمالها ليس لعنة ، بل طاقة إذا إقترنت بالوعي والحرية ، تفتح الكون على إحتمالات لا تنتهي.
هي قادرة على كسر الزجاج ، لا لتتخلّى عن أنوثتها ، بل لتعلن أن الجمال لا يُلغي العمق ، وأن السحر الحقيقي لا يكتمل إلا حين يمتزج الظاهر بالباطن والبهاء بالفكر ../.
—