
تحرير محل النزاع قبل الخوض فيه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الولي المولى، رب الأرض والسماوات العلى، سبحانه يعلم السر وأخفى، وسامع النجوى وكاشف البلوى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، أقام الكون على مقتضى علمه ودبره بإرادته وهو العالم بما تبطنه الضمائر وما تخفيه السرائر وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، خير العاملين بدين الله رب العالمين وسيد الغر المحجلين، فاللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد إن من المهمات في الشريغة الإسلامية بين الإخوة في المحاورة والمدارسة هو تجريد النية للعليم الخبير سبحانه وتصفيتها من شوائب الرياء وعوالق السمعة وحبائل التصدر وغوائل الظهور فكل شيء لغير الله يضمحل وقد كان الإمام النووي رحمه الله تعالى يكتب ويحرر المطولات فإذا كل ألقى القلم وهو يتمثل في.
لئن كان هذا الدمع يجرى صبابة على غير ليلى فهو دمع مضيّع، وقد قيل تخليص الأعمال مما يفسدها أشد على العاملين من طول الإجتهاد، ومن المهمات مراعاة المتابعة للسنّة ومن لوازم المتابعة الرفق إلا في حالات خاصة كالمعاند المستكبر ومراعاة أحوال المخاطبين والتدرج، وقد قالت السيده عائشة رضي الله عنها “إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا، ولو نزل لا تزنوا، لقالوا لا ندع الزنا أبدا” وقال ابن حجر في الفتح “أشارت إلى الحكمة الإلهية في ترتيب التنزيل، وأن أول ما نزل من القرآن الدعاء إلى التوحيد، والتبشير للمؤمن والمطيع بالجنة، وللكافر والعاصي بالنار، فلما اطمأنت النفوس على ذلك أنزلت الأحكام، ولهذا قالت ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر؟ لقالوا لا ندعها.
وذلك لما طبعت عليه النفوس من النفرة عن ترك المألوف” وقيل في تعليق على عبارة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ” بل نعلم أنه نهى عن هذه الأمور كلها وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يمكن تكفيرهم بذلك حتى يبيّن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مما يخالفه” وقال ذكر رحمه الله تعالى ما أوجب له عدم إطلاق الكفر عليهم على التعيين خاصة إلا بعد البيان والإصرار لأنه قد صار أمة وحدة لأن من العلماء من كفره بنهيه لهم عن الشرك في العبادة فلا يمكن أن يعاملهم بمثل ما قال، ومن المهمات بين الإخوة هو تحرير محل النزاع قبل الخوض فيه وتحرير معاني الكلم قبل إلقائها في خضم التدافع وفي الردود تحرير محل النزاع وتحديد محور النقاش ونقطة البحث وعدم الخروج عنها إلا بعد إنهائها والإشارة.
لذلك دفعا لخلط الفهم عند القارئ أو السامع وفائدة ذلك أن لا يتشعّب الحديث في شجون لا علاقة لها بصلب النقاش، وتحرير معاني الألفاظ والمصطلحات عند أهل الفن الداخل تحت مظلته النقاش يختصر الكثير حيث قال شيخ الإسلام ” فاللفظ المشتبه المجمل إذا خص في الإستدلال وقع فيه الضلال والإضلال وقد قيل إن أكثر إختلاف العقلاء من جهة اشتراك الأسماء” وكما أن من المهمات هو إحسان الظن بأخيك وحمل كلامه على أحسن محامله فإن لم تجد فقل لعل له عذرا لا أعلمه، وكما أن من المهمات هو الفرح بالحق حيث كان، ولو ممن تدارسه والحذر من آكل الحسنات الحسد، فافرح بالحق ولو جاءك على صفة المناظرة فالمدارسة والمناقشة من طرق التحصيل والتثبيت للعلم لمن أصلح الله حالهم، والرحمة بالخلق سيما المؤمنين ومن محاك الصدور الفرح بالحق من فيّ الخصم وهذا من خلق السادات وعادات السادات سادات العادات وممن اشتهروا بذلك الإمام الشافعي رحمه ال
له تعالى.