تطوير منظومة الموارد المائية والري بشكل شامل تحت مظلة “الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0”
جريدة موطني

تطوير منظومة الموارد المائية والري بشكل شامل تحت مظلة “الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0”
خالد شكري
شارك السيد الأستاذ الدكتور / هاني سويلم وزير الموارد المائية والري في فعاليات “إسبوع المياه العربي السابع” والمنعقد بالمملكة الأردنية الهاشمية تحت عنوان “الترابط بين المياه والطاقة والبيئة والغذاء .. نحو تحقيق الكفاءة والاستدامة في مرافق المياه”.
وفى الجلسة الإفتتاحية للمؤتمر .. ألقى الدكتور سويلم كلمة نيابة عن الدول العربية أعرب فيها عن سعادته بالمشاركة في هذه الفعالية الهامة التي تنعقد تحت مظلة العمل العربي المشترك لتعزيز قدرة الدول العربية على مواجهة التحديات المائية والبيئية والاقتصادية التي تواجه منطقتنا العربية ، متوجهاً بالشكر للمملكة الأردنية الهاشمية والسيد المهندس/ رائد أبو السعود وزير المياه والرى الأردنى والجمعية العربية لمرافق المياه (أكوا) على التنظيم المتميز لإسبوع المياه العربي السابع ، ومعرباً عن تقديره لمجهودات الوزارات المعنية بالمياه في الدول العربية والتي تبذل مجهودات مخلصة للإرتقاء بإدارة الموارد المائية في وطننا العربي.
وأشار الدكتور سويلم إلى أن المنطقة العربية تُعد من أكثر مناطق العالم تأثراً بندرة المياه ، كما يشير تقرير الأمم المتحدة الصادر فى مارس ٢٠٢٣ إلى أن أكثر من ٩٠% من سكان الدول العربية يعانون من مستويات حرجة من ندرة المياه ، وأن ٢١ دولة عربية تعتمد على موارد مائية مشتركة (سطحية أو جوفية) ، مثل نهر النيل ونهر الفرات ونهر الأردن ، مما يُضيف بُعد جيوسياسي بالغ التعقيد على إدارة المياه ويجعل من قضية التعاون في إدارة المياه المشتركة أمراً هاماً ويؤكد على الحاجة الملحة لتفعيل التعاون الإقليمي وفق قواعد القانون الدولي ، مع أهمية عدم القيام بأى تصرفات أحادية تتجاهل الامتثال لقواعد القانون الدولي حيث تعد تحدياً صارخاً للتعاون العابر للحدود مثل بناء السد الإثيوبي وملئه وتشغيله بشكل أحادي دون توافق مع دولتى المصب ، كما تواجه منطقتنا تحديات متزايدة تتمثل في النمو السكاني السريع والذي ضاعف من الطلب على المياه وتسبب في زيادة حدة الإجهاد المائي، إلى جانب التأثيرات السلبية لتغير المناخ بما في ذلك تراجع معدلات الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات التبخر، فضلاً عن تكرار الظواهر الجوية المتطرفة كالجفاف والفيضانات ، وقد دفعت هذه الظروف الدول العربية لتكثيف جهودها من خلال تخصيص ميزانيات كبيرة لقطاع المياه ، ووضع استراتيجيات لمواجهة الفجوة المتزايدة بين الموارد المائية المتاحة والإحتياجات المائية المتنامية.
وأمام هذه التحديات التي تواجه المنطقة العربية فإن الأمر يتطلب تعزيز التعاون الإقليمي والدولي فى مجال إدارة الموارد المائية المتكاملة ، ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات في مجالات الرقمنة والتحلية والطاقة النظيفة ، ودعم آليات التمويل المناخي للدول المتأثرة بندرة المياه.
ومع تصاعد النزاعات طويلة الأمد .. باتت أزمة الوصول إلى المياه واحدة من أخطر التحديات الإنسانية ، حيث يواجه قطاع غزة أزمة مائية غير مسبوقة تُعد من أخطر الأزمات الإنسانية في العصر الحديث ، نتيجة للعدوان المستمر الذي استهدف بشكل ممنهج البنية التحتية الحيوية للمياه ، وإننا نُدين بشدة هذه الانتهاكات السافرة للقانون الدولي الإنساني ، ونُطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لضمان وصول المساعدات الإنسانية بما في ذلك المياه النظيفة إلى سكان غزة ودعم إعادة بناء البنية التحتية بما يكفل الكرامة والعدالة للمواطنين.
وفي ظل هذه التحديات تلعب الدول العربية دوراً محورياً ومتنامياً على الساحة الدولية في مواجهة التحديات البيئية ، حيث استضافت جمهورية مصر العربية مؤتمر (COP27) ، وتلتها دولة الإمارات العربية المتحدة بتنظيم مؤتمر (COP28) ، كما قامت المملكة العربية السعودية باستضافة مؤتمر الأطراف لمكافحة التصحر (COP16) ، وهو ما يؤكد على الإهتمام الكبير الذى توليه دول منطقتنا العربية لقضايا المياه والمناخ والجفاف والتحديات المرتبطة بهم ، بإعتبارهم عناصر حاسمة في تحقيق الأمن الغذائي.
كما شرعت الدول العربية وإدراكاً منها لحجم التحديات المائية، في تبني مسارات متكاملة تشتمل على اتباع استراتيجيات وطنية وإقليمية لرفع كفاءة استخدام المياه وتعزيز الإعتماد على التقنيات الحديثة ، والتوسع في الاستثمار في تحلية المياه كأحد اهم الموارد غير التقليدية ، والتوسع في معالجة وإعادة استخدام المياه ، وتحسين شبكات الري، باعتبارها حلولاً حيوية لتحقيق الأمن المائي ، مع إطلاق مبادرات “للترابط بين المياه والطاقة والغذاء” مثل الاستفادة من الطاقة المتجددة في تشغيل محطات التحلية والمعالجة ، والاستثمار في الإبتكار ونقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات.
وأكد سيادته أن منهجية “الترابط بين المياه والطاقة والغذاء والبيئة” تُعد إطاراً استراتيجياً لإدارة هذه القطاعات الحيوية بطريقة متكاملة خاصة في ظل التداخل العميق بينها ، مشيراً إلى أن إدارة الموارد المائية من خلال نهج متكامل يربط بين المياه والطاقة والغذاء والبيئة يوفر أداة استراتيجية لصياغة سياسات أكثر تكاملاً ، وتحديد أولويات الاستثمارات بشكل أكثر فاعلية ، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة خاصة الهدف الثانى المعنى بالقضاء على الجوع والهدف السادس المعنى بالمياه النظيفة والهدف السابع المعنى بالطاقة النظيفة ، كما يُسهم الاستثمار في حلول متكاملة وفق منهجية “الترابط بين المياه والطاقة والبيئة والغذاء” في تحقيق مكاسب تنموية أعلى مقارنة بالحلول القطاعية المنفردة ، وذلك بالتزامن مع السعي لنقل وتبادل الخبرات وبناء القدرات البشرية بين الدول العربية بإعتبار ذلك من الركائز الأساسية لرفع كفاءة إدارة المياه.
وأضاف سيادته أنه وفي ظل تحديات المياه في مصر ، فقد قامت الدولة المصرية بتطوير منظومة الموارد المائية والري بشكل شامل تحت مظلة “الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0″، والتي تمثل تطبيقاً عملياً لمبادئ “الترابط بين المياه والطاقة والبيئة والغذاء” ، حيث تتضمن أعمال التطوير التحول الرقمي في إدارة المياه باستخدام صور الأقمار الصناعية والنماذج الرياضية والطائرات بدون طيار (الدرون) لحساب زمامات المحاصيل وتقدير الاستهلاكات المائية الزراعية بما يخدم على تحسين عملية توزيع المياه ، وتطوير منشآت التحكم والتشغيل باستخدام أحدث تقنيات المراقبة وعلى رأسهم السد العالي والمنشآت الكبرى ، والتوسع في أنظمة الري الذكي ، وترشيد وزيادة كفاءة شبكات التوزيع ، والتوجه الاستراتيجي للتحول من استخدام المناسيب إلى استخدام التصرفات في منظومة توزيع المياه ، مع التوسع فى مشروعات التحلية والمعالجة الثلاثية المتقدمة خاصة في المناطق الساحلية لدعم الأمن الغذائي وادخال تكنولوجيا المعالجة المتطورة والتحلية للإنتاج الكثيف للغذاء ، حيث حققت مصر طفرة فى مجال معالجة واستخدام مياه الصرف الزراعى بإنشاء محطات الدلتا الجديدة وبحر البقر والمحسمة والتى سترفع كميات مياه الصرف الزراعى المعالجة فى مصر لتصل الى ٢٦ مليار متر مكعب سنويا فى عام ٢٠٢٦ ، مع الاعتماد على المواد الطبيعية الصديقة للبيئة في حماية الشواطئ وتأهيل الترع بما يُعزز من بُعد الاستدامة ، وانتهاج مبادئ حوكمة المياه الجوفية وتطوير قواعد البيانات الرقمية لرصد العدادات ومراقبة السحب المائي ، والاستثمار في العنصر البشري والتدريب المستمر للعاملين ، وتعزيز البحث العلمي كركيزة للإبتكار واستدامة الموارد المائية.
تطوير منظومة الموارد المائية والري بشكل شامل تحت مظلة “الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0”