المقالات

تفسير البرق والرعد

تفسير البرق والرعد

أيات وعلامات

بقلم محمد حافظ

﴿هُوَ ٱلَّذِی یُرِیكُمُ ٱلۡبَرۡقَ خَوۡفࣰا وَطَمَعࣰا وَیُنشِئُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ ۝١٢ وَیُسَبِّحُ ٱلرَّعۡدُ بِحَمۡدِهِۦ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ مِنۡ خِیفَتِهِۦ وَیُرۡسِلُ ٱلصَّوَ ٰ⁠عِقَ فَیُصِیبُ بِهَا مَن یَشَاۤءُ وَهُمۡ یُجَـٰدِلُونَ فِی ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِیدُ ٱلۡمِحَالِ ۝١٣ لَهُۥ دَعۡوَةُ ٱلۡحَقِّۚ وَٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ لَا یَسۡتَجِیبُونَ لَهُم بِشَیۡءٍ إِلَّا كَبَـٰسِطِ كَفَّیۡهِ إِلَى ٱلۡمَاۤءِ لِیَبۡلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَـٰلِغِهِۦۚ وَمَا دُعَاۤءُ ٱلۡكَـٰفِرِینَ إِلَّا فِی ضَلَـٰلࣲ ۝١٤﴾ [الرعد ١٢-١٤]
قوله: ﴿هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً﴾ إلى قوله ﴿إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ﴾ البرق: مخاريق من حديد بأيد(ي) الملائكة تضرب بها. هذا قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقال مجاهد: الملائكة تضرب بأجنحتها، فمن ذلك البرق. وقد تقدم شرح هذا بأشبع من هذا. فالمعنى: الله يريكم البرق خوفاً للمسافر من أذاه، وطمعاً للمقيم لينتفع (به)، والبرق هنا على قول ابن عباس: الماء.
وقيل: الآية مخصوصة، والمعنى: خوفاً لمن لا يحتاج إليه كمصر، وشبهها التي لا تحتاج إلى المطر. وكونه فيها ضر عليها، “وطمعاً” لمن يحتاج إليه، ويرجو الانتفاع به.
وقيل: الآية على العموم لكل من خاف، أو طمع.
وقيل: المعنى: خوفاً من الصواعق (وطمعاً بالمطر).
“وقال الضحاك: أما الخوف فما يرسل الله معه من الصواعق”، وأما الطمع فما نرجو فيه من الغيث.
ثم قال (تعالى): ﴿وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ﴾: بالمطر، أي: ويثير السحاب الثقال بالمطر، وبيديه. يقال: أنشأ الله السحاب أبداه، والسحاب: جمع سحابة. ولذلك قال (الثقال) ولو كان موحداً لقال: الثقيل.
ثم قال (تعالى): ﴿وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ﴾ قال مجاهد: الرعد: ملك يزجر السحاب.
وقال أبو صالح: الرعد (ملك) يسبح.
وقال شهر بن حوشب: الرعد: ملك موكل بالسحاب، يسوقه كما يسوق الحادي الإبل. فكلما خالفته سحابة صاح (بها)، فإذا اشتد غضبه طارت النار من فيه. فذلك الصواعق الذي رأيتم.
وقال ابن عباس: الرعد: ملك اسمه (الرعد)، (وهو) الذي تسمعون صوته. وكان ابن عباس إذا سمع الرعد قال: سبحان الذي سبحت له. وكان يقول: الرعد: ملك ينعق بالغيث، كما ينعق الراعي بغنمه.
وروى مجاهد، عن ابن عباس (أنه قال): الرعد (اسم ملك) وصوته هذا تسبيحه، فإذا اشتد زجره للسحاب اضطرب السحاب من خوفه فيحتك. فتخرج الصواعق من فيه.
وسئل علي رضي الله عنه عن الرعد: فقال: هو ملك، وسئل عن البرق، (فقال): مخاريق بأيدي الملائكة تزجر السحاب.
وعن الضحاك أنه قال: الذي يسمع تسبيح الملك، واسمه الرعد.
قال مجاهد: الرعد: ملك يزجر السحاب بصوته.
وعن ابن عباس، رضي الله عنه أن الرعد: ريح يختنق تحت السحاب، فتتصاعد فيكون منها ذلك الصوت.
وعنه أيضاً أنه، قال: البرق: ملك يتراءى. وأكثر المفسرين على أنه ملك كما تقدم.
(وكان النبي ﷺ، إذا سمع الرعد الشديد، قال: اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك). وهذا الدعاء يدل على أنه صوت ملك.
(وروى أبو هريرة أن النبي ﷺ، كان يقول إذا سمع الرعد: سبحان من يسبح الرعد بحمده): فهذا يدل على أن الرعد ملك.
وكان ابن عباس، وعلي (رضي الله عنهما) يقولان إذا سمعا الرعد: سبحان من سبحت له، فهذا يدل على أنه ملك.
* * *
ومعنى ﴿وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ﴾: أي: “يعظم الله ويمجده، ويثنى عليه بصفاته. وحكي عن العرب سبحان من يسبح الرعد بحمده، يريدون (من) فأقعوا (ما)، مكان “مَنْ”.
* * *
ثم قال: ﴿وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ﴾: أي: وتسبح الملائكة من خيفته، أي: من رهبته.
وروي أن خوف الملائكة ليس كخوف بني آدم، لأن طائفة من الملائكة ساجدون، منذ خلقوا، باكون، ومنهم طائفة يسبحون ويهللون، لا يعرف أحدهم من على يمينه، ولا من على شماله، ولا يشغلهم عن عبادة الله، (عز وجل) شيء.
قال الله عز وجل عن الملائكة: ﴿يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٠]: فعلى قدر أعمالهم واجتهادهم، كذلك خوفهم.
* * *
وقوله: ﴿وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ﴾: الصاعقة من النار التي تخرج من فم الرعد إذا غضب، فقد تقدم ذكرها بأشبع من هذا في سورة البقرة.
وهذه الآية نزلت في يهودي جاء إلى النبي ﷺ فقال له: أخبرني عن ربك: من أي شيء هو؟ من لؤلؤ أو ياقوت. فجاءت صاعقة، فأخذته فأنزل الله عز وجل: ﴿وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ﴾.
ودل على هذا القول قوله: ﴿وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي ٱللَّهِ﴾: فالضمير في “هم” لليهودي، وجمع لأن له أتباعاً على قوله ومذهبه.
وروي أنها نزلت في رجل من فراعنة العرب، وهو أربد، وجه إليه النبي

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار