
تكريم أمهات المؤمنين في ضوء القرآن والسنة
الخطاب لأزواج النبي المصطفي
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله القائل ” يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ” أما بعد إن من فضائل أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أجمعين هو تكرار نداؤهن في القرآن تشريفا لهن وإظهارا لفضلهن، حيث فضّل الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم على سائر نساء العالمين، فأعاد نداؤهن واضافهن إليه، فقال الله تعالى ” يا نساء النبي من يأتي منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك علي الله يسيرا ” فدل عموم هذا اللفظ على “فضل أزواجه على كل من قبلهن وبعدهن، وأجمعت الأمة أن نبينا محمدا أفضل من جميع الأنبياء، فكذلك نساؤه لهن من الفضل على سائر نساء الدنيا ما للنبي على سائر الأنبياء”
فالخطاب لأزواج النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم ومعهن الأمر والنهي والوعد والوعيد، لكن لمّا تبيّن ما في هذا من المنفعة التي تعمهن، وتعم غيرهن من أهل البيت، جاء التطهير بهذا الخطاب وغيره، وليس مختصا بأزواجه، بل هو متناول لأهل البيت كلهم، والمراد بنسائه أي غير أزواجه صلى الله عليه وسلم من بنات وقريبات وسرية ومارية، وأن النساء أعم من الزوجات لدخول البنات وسائر القرابات تحت ذلك، فكثرة ذكرهن وندائهن دلالة على فضلهن، وعلو قدرهن، ولكل نداء فائدة زائدة في الفصاحة والبلاغة والإفادة يلزمهن تقوى الله تعالي، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومضاعف ثوابهن وعقابهن، وهذا من باب الاحتياط، والتشديد في الورع، ومن أمهات المؤمنين هي السيدة سودة بنت زمعة رضي الله عنها.
وقد هاجر زوجها السكران بن عمرو إلى الحبشة فتنصر ومات بها كافرا، فزوجه بها والدها زمعة بن قيس ومن خصائصها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد طلاقها آثرت السيدة عائشة رضي الله عنها بيومها ووهبته لها، حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإيثارا لبقائها معه فأمسكها فكان يقسم لنسائه ولا يقسم لها وهي راضية بذلك مؤثرة لرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها، ومن أمهات المؤمنين هي السيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، وقد تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست سنين قبل الهجرة بسنتين وبنى بها بالمدينة وهي بنت تسع سنين ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة سنة وتوفيت بالمدينة ودفنت بالبقيع، ومن خصائصها أنها كانت أحب أزواج النبي صلي الله عليه وسلم إليه، فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم.
“أي الناس أحب إليك ؟ قال عائشة قيل فمن الرجال ؟ قال أبوها ” رواه البخاري، ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بكرا غيرها وكان الوحي ينزل عليه صلى الله عليه وسلم وهو في لحافها دون غيرها، ولما أنزل الله تعالي آية التخيير ” يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ” وبدأ النبي المصطفي صلى الله عليه وسلم بها فخيرها فقال ” ولا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك، فقالت أفي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله ” رواه البخاري، فإقتدى بها بقية أزواجه صلى الله عليه وسلم وقلن كما قالت، ومن خصائصها أن الله تعالي برأها مما رماها به أهل الإفك وأنزل في براءتها وحيا يتلى إلى يوم القيامة، وقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها وعلى صدرها، ودفن في حجرتها.
تكريم أمهات المؤمنين في ضوء القرآن والسنة
وكان الأكابر من الصحابة رضي الله عنهم إذا أشكل عليهم أمر من الدين إستفتوها، فيجدون علمه عندها، وكما أن من أمهات المؤمنين هي السيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنهما وقد تزوجها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وكانت قبله عند خنيس بن حذافة وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد بدرا وأحدا، وأصيب في أحد بجراح مات منها فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، ومن خصائصها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم طلقها فأتاه جبريل فقال “إن الله يأمرك أن تراجع حفصة فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة ” رواه الطبراني.