مقالات

حين يُصبح القاتل بطلاً والمستثمر عدواً .. الجزيرة تُضلل الوعي العربي

جريدة موطني

حين يُصبح القاتل بطلاً والمستثمر عدواً .. الجزيرة تُضلل الوعي العربي

بقلم د . هاني المصري


حين يُصبح القاتل بطلاً والمستثمر عدواً .. الجزيرة تُضلل الوعي العربي

في عالم الإعلام، يُفترض أن تلعب القنوات الإخبارية دورًا حياديًا في نقل الأحداث وتحليلها بموضوعية. لكن قناة الجزيرة القطرية، التي طالما رفعت شعار “الرأي والرأي الآخر”، تُتَّهم مرارًا بممارسة ازدواجية معايير صارخة، خصوصًا حين يتعلق الأمر بأخبار خصوم الولايات المتحدة، وعلى رأسهم مصر.

من الإرهابي إلى “معارض شرعي”

تُبرز الجزيرة في تغطيتها للأوضاع الأمنية في مصر مثالًا حيًّا على هذه الازدواجية. فعناصر تنتمي لتنظيمات متطرفة ضُبطوا في عمليات مسلحة ضد الجيش والشرطة، يُوصَفون في تقارير القناة بأنهم “معارضون”، أو “نشطاء”، أو حتى “مقاومة مشروعة”، متجاهلةً الأدلة القانونية والإجراءات القضائية التي تدينهم بجرائم موثقة. هذا التلاعب بالمصطلحات يُشكِّل في ذاته خطرًا على فهم المتلقي للواقع، ويضفي شرعية إعلامية على كيانات مصنفة إرهابية دوليًا.

القتلة سجناء رأي؟

في تقارير الجزيرة عن ملف حقوق الإنسان في مصر، يُقدَّم بعض المحكوم عليهم في قضايا جنائية وإرهاب للمواطنين – بينها القتل والتخريب – على أنهم “سجناء رأي”. هذا الوصف لا يعكس حقيقة التهم الموجهة لهم ولا طبيعة القضايا التي يُحاكمون بسببها، بل يأتي ضمن خطاب سياسي يُروِّج لرواية واحدة ويُغفل أخرى، مما يُقوِّض مصداقية القناة في أعين المشاهد المتابع لتفاصيل الواقع المصري.

التواجد الأمريكي في الخليج .. شراكة أم هيمنة؟

اللافت أن الجزيرة تُقدِّم التواجد العسكري الأمريكي في الخليج العربي – بما فيه القواعد العسكرية في قطر نفسها – على أنه “استثمار” و”شراكة استراتيجية”، ولا تذكر شيئًا عن التدخلات أو الانتهاكات التي يتحدث عنها نشطاء حقوق الإنسان في العراق أو أفغانستان. هذه المفارقة تطرح تساؤلات حول مدى استقلالية التغطية الإعلامية للقناة ومراعاتها للحقائق على الأرض.

الصين في مصر .. استثمار يتحول إلى “احتلال”

أما في تغطية القناة للتعاون المصري الصيني، فالنبرة تختلف جذريًا. يُصوَّر الوجود الصيني في مشروعات كبرى مثل العاصمة الإدارية الجديدة، أو المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، على أنه “غزو اقتصادي” أو “هيمنة صينية على القرار المصري”. وهنا يظهر التناقض الصارخ في توصيف الاستثمارات الأجنبية، حيث تُهلَّل استثمارات أمريكا في الخليج وتُهاجم استثمارات الصين في مصر، فقط لاختلاف موقع الدولتين في معادلة السياسة العالمية.

وختاماً انه إعلام بأجندة لا بشفافية

تُثبت تغطية قناة الجزيرة لأخبار مصر وخصوم أمريكا أنها أبعد ما تكون عن الحياد، وأقرب ما تكون إلى أداة سياسية ناعمة تُستخدم لخدمة مصالح إقليمية ودولية. فحين يتحول القاتل إلى “سجين رأي”، والمسلح إلى “معارض”، والتدخل العسكري إلى “استثمار”، والإعمار إلى “احتلال”، فإن المتلقي لا يجد نفسه أمام إعلام حر، بل أمام ماكينة دعائية متنكرة في ثوب الصحافة.

حين يُصبح القاتل بطلاً والمستثمر عدواً .. الجزيرة تُضلل الوعي العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى