رؤى وفِكَرٌ تطويريّة لعمل الجبهة الوطنيّة التّقدميّة في سورية ( 20 )
رؤى وفِكَرٌ تطويريّة لعمل الجبهة الوطنيّة التّقدميّة في سورية ( 20 )
نبيل صافية:
رؤى وفِكَرٌ تطويريّة لعمل الجبهة الوطنيّة التّقدميّة في سورية ( 20 )
الجزء العشرون
كنتُ في الجزء التّاسع عشر من البحث الذي تمّ تقديمه لمقام سيادة اللواء محمّد الشّعّار نائب رئيس الجبهة الوطنيّة التّقدميّة ظهر يوم الإثنين الواقع في 7/2/2022م ، ونشرته وبيّنتُ فيه عموماً تطوير قانون الأحزاب وقانون الانتخابات ومنظومات مكافحة الفساد ومنظمة الطّلائع واتّحاد شبيبة الثّورة وقانون العاملين الأساسي وفصل الدّين عن السّياسة وغير ذلك كثير ممّا تمّ التّطرّق إليه عن وزارتي الإعلام والتّربية التي أفادت سورية من دراساتي وأبحاثي _ رغم أنّي تعرضت له في مقالات ولقاءات تلفزيونيّة وإعلاميّة كثيرة سابقاً أيضاً ، وقدّمته لرئاسة الوزراء بدءاً من عام 2017 _ وبيّنت أيضاً دور الجبهة الوطنية التّقدّمية في تطوير وزارات الدّولة وفلسفتها والنّهوض بها أيضاً عموماً ، وتمّ تخصيص الجزء التّاسع عشر لوزارة التّجارة الدّاخليّة وحماية المستهلك ، وسنتابع في الجزء الحالي دور الجبهة الوطنية التّقدّمية لنتوقّف مع مناقشة تفعيل المادة السّادسة والثّلاثين من قانون الأحزاب التي تنهي العمل بالأحكام المخالفة للقانون ، وملاحظة عامة ضمن إطار الجبهة والمحكمة الدّستوريّة في سورية ، وما يتعلّق بالجبهة ضمن ذلك الإطار والواقع السّياسيّ والدّستوريّ الحالي .
ولعلّ من الأهمّيّة بمكان إجراء مقارنة بين الدّستورين الحالي المعمول به من شهر شباط لعام 2012م والسّابق ، فالدّستور الحالي تمّ فيه حذف المادة الثّامنة من الدّستور ، وإن بقيت فاعليّتها موجودة على الأرض بقوّة دون حذف أو تغيير إلّا في الأوراق ، والأمثلة على ذلك كثيرة جدّاً في ضوء الواقع الحالي الذي يشهده أيّ مواطن في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة ، رغم أنّي أشرت لذلك في أجزاء سابقة ومقالات عدّة قبلاً .
وإذا كانت المادة الثّامنة من الدّستور السّابق التي تمّ إلغاؤها تنصّ على ما يلي :
” حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ هو الحزب القائد في المجتمع والدّولة ، ويقود جبهة وطنيّة تقدميّة تعمل على توحيد طاقات جماهير الشّعب ووضعها في خدمة أهداف الأمّة العربيّة ” ، والتي ألغتها المادة الثّامنة في الدّستور المعمول به من شهر شباط لعام 2012م ، قد نصّت على : ” النّظام السّياسيّ للدّولة يقوم على مبدأ التّعدّدية السّياسيّة ، وتتمّ ممارسة السّلطة ديمقراطيّاً عبر الاقتراع ” .
وهنا يتبادر لأيّ إنسان أن يتساءل : ما حال الجبهة الوطنيّة التّقدميّة في ضوء تلك المادة التي تمّ إلغاؤها وهي التي تأسّست في السّابع من آذار عام 1972 عبر التّوقيع على ميثاق الجبهة ، وفي المادة الجديدة لم تتمّ الإشارة إليها ، وجاءت المادة الخامسة والثّلاثون من قانون الأحزاب رقم مئة لعام 2011 الذي أصدره السّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد ، وقد نصّت على ما يلي :
” تعدّ أحزاب الجبهة الوطنيّة التّقدّميّة مرخّصة حكماً وتودع وثائقها خلال ستّة أشهر لدى اللجنة بما يتوافق مع أحكام هذا القانون ” ، والمادة السّادسة والثّلاثون التي نصّت على قولها : ” يُنهى العمل بالأحكام المخالفة لهذا القانون ” ؟! ، ولماذا كان ذلك التّناقض واضحاً بين الدّستور وقانون الأحزاب فيما تمّت الإشارة إليه ؟! .
وهذا يقودنا بطبيعة الحال لسؤال جديد :
ما المادة الدّستوريّة التي استند لها حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ في تحقيق الأغلبيّة النّيابيّة قبل الانتخابات التّشريعيّة ؟ وما المواد القانونيّة التي استنجد بها لتعزيز تلك الفكرة وفق التّقسيم المعمول به ؟ ، وما رأي المحكمة الدّستوريّة بذلك ؟!، وهل تتحقّق أهداف المواطنة وأبعادها القانونيّة والثّقافيّة والحضاريّة بموجب ذلك وفق ما يسعى له السّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد ؟! ، ولماذا تجري الانتخابات إذا كانت الأغلبيّة محقَّقة دونها أو أنّ الانتخابات للمستقلّين فقط ؟!.
ولعلّ المطلوب أيضاً يتمثّل في تعديل قانون الانتخابات المعمول به حاليّاً الذي يعطي حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ الأغلبيّة النّيابيّة قبل الانتخابات التّشريعيّة ، وكذا الحال في تغيير حجم الدّوائر الانتخابيّة وطريقة الاقتراع والتّصويت .. إذ تعمل الانتخابات التي تجري في سورية للاحتفاظ الدّائم لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ بالأغلبيّة المطلقة من المقاعد في مجلس الشّعب كمثال : أي بمئة وستةٍ وعشرين مقعداً يخصّ حزب البعث رغم أنّ الجبهة الوطنيّة التّقدميّة لها أكثر من ثلثي المقاعد وعددها عموماً مئتان وخمسون في قائمتين من العمال والفلّاحين ، وإبقاء الثّلث الباقي من المقاعد للمستقلّين _ وهذا لم يحدّده قانون الانتخابات المعمول به وفق ذلك التّقسيم _ ، وقد ذكرتُ في مقال منشور سابقاً بتاريخ الرّابع من أيّار لعام ألفين وعشرين ، بعنوان : ” حزب البعث العربيّ الاشتراكيّ يحقّق الأغلبيّة النّيابيّة قبل الانتخابات التّشريعيّة ” ، وتبقى هناك أسئلة مشروعة أبرزها:
هل سيُنظَر لتعديل قانون الانتخابات نظرة أكثر جدّيّة من الواقع الرّاهن ؟ وهل سيتمّ بحث التّناقض الحاصل بين الدّستور الحالي وقانون الأحزاب وما يجري على الأرض من واقع لم يتمّ تغيير شيء حقيقي وملموس فيه رغم إلغاء المادة الثّامنة من الدّستور السّابق ؟!، وهل سيتمّ بحث ما تمّ التّطرّق إليه في البحث الحالي بمختلف أجزائه من مقام المحكمة الدّستوريّة العليا في سورية ، وهو منشور أيضاً ومقدّم لرئاسة الوزراء عبر أبحاث متعدّدة وقدّمته في الإعلام الرّسميّ السّوريّ ؟! ، وإذا كنت باحثاً إعلاميّاً وتربويّاً وأخذت وزارة التّربية والإعلام بما قدّمته في أبحاثي ودراساتي لمقام رئاسة مجلس الوزراء ، وعنوانها : ” آفاق تطوير وزارة التّربية في الجمهوريّة العربيّة السّوريّة ” ، وهي الموجّهة لمقام رئاسة الوزراء والمحالة من رئاسة الوزراء للسّيّد وزير التّربية برقم 2025/ م. خ/ق تاريخ 8/8/2017 م ، وأتبعتُها بدراسة أخرى مسجّلة في رئاسة مجلس الوزراء برقم ( 2477م/خ/ق ) تاريخ 1/10 ، ومحالة لوزارة التّربية عن طريق رئاسة مجلس الوزراء لتطوير التّربية منذ أيّام الدّكتور هزوان الوز الوزير الأسبق ، ودراسة عن تطوير وزارة الإعلام في سورية ، والمسجَّلة في رئاسة مجلس الوزراء والمحالة من رئاسة الوزراء لوزارة الإعلام برقم 1936/ م. خ/ق تاريخ 6/8/2017 م منذ أيّام السّيّد الوزير محمّد رامز ترجمان ، تحت عنوان : ” الإعلام في سورية .. استراتيجيّاته وتطويره في ضوء الإصلاح الإداريّ في سورية ” ، وهي منشورة في الإعلام الرّسميّ السّوريّ وعبر لقاءات إذاعيّة وتلفزيونيّة كثيرة .
وتأتي كلتاهما ضمن سياق مشروع الإصلاح الإداريّ الذي دعا إليه السّيّد رئيس الجمهوريّة أمام السّادة الوزراء في اجتماعه بهم خلال الجلسة الأسبوعيّة الدّوريّة لمجلس الوزراء أي قبل الوزيرين الحاليين سواء في التّربية أو الإعلام وغيرهما من وزارات أفادت من أبحاثي ، وتشرّفت بالتّكريم من السّيّد الوزير عماد العزب بناء لذلك بعد سلسلة لقاءات جمعت بيننا ، وكان التّكريم برقم : ( 2866/ م ) تاريخ 4/3/2019 لتقديمي تلك الدّراسة ، علماً أنّها مسجّلة بعنوان : ” آراء تطويرية لبعض وزارات الدّولة في الإعلام والتّربية والمصالحة الوطنيّة في ضوء مشروع الإصلاح الإداريّ للسّيّد رئيس الجمهوريّة في سورية ” ، برقم (3911 ) لعام 2018م ، لدى مديرية حماية حقوق المؤلف والحقوق المجاورة في وزارة الثّقافة ، وحصلت بموجبها على شهادة إبداع حفاظاً عليها من السّرقة الفكريّة لمضمون دراساتي وإقراراً بحقّي فيها ، وهي تحت عنوان : ” دراسة تطويريّة لعدد من وزارات الدّولة ” ، ومقدّمة أيضاً للمكتب الخاص بالسّيّد الرّئيس الدّكتور بشّار الأسد .
وقد استقلت من وظيفتي في سورية وأتيت لدولة الإمارات العربيّة المتّحدة لأضيف لصفتي باحثاً تربويّاً وإعلاميّاً صفة جديدة وهي كوني باحثاً عن عمل لأستطيع تأمين معيشة أولادي ، بعد أن أخذت بعض الوزارات بما قدّمته لمقام رئاسة الوزراء لتطويرها إن كان في وزارة الإعلام أو التّربية وغيرهما ، وهل ما قامت به تلك الوزارات من وزراء متعاقبين عندما أفادت تلك الوزارات من أبحاثي ودراساتي وإهمال صاحبها قد تمّ بصورة شخصيّة من السّادة الوزراء أو بتأثير الانتماء السّياسيّ لهم ؟! . وهذا ما أضعه في كلّ ما قمت به من أبحاث ودراسات وما جاء في بحثي الحالي بمختلف أجزائه وبما تضمّنه من أسئلة بين يديّ سيّد الوطن الدّكتور بشّار الأسد ، بما أنّ سيادته _ حفظه الله _ الأمين العام لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ ، وهو الحزب الذي يشرف على تكليف وزراء التّربية والإعلام .
إعداد الباحث التّربوي والإعلاميّ والمحلّل السّيّاسيّ : د. نبيل أحمد صافية
وعضو اللجنة الإعلاميّة لمؤتمر الحوار الوطنيّ في سورية