بقلم / محمــــد الدكـــروري
الأربعاء الموافق 25 أكتوبر
الحمد لله الذي أرسل رسوله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، وأسوة للناس أجمعين، أرسله للناس بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، الحمد لله الذي جعل نبيه عليه الصلاة والسلام خير الناس لأهله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا، قد بُعث النبى صلي الله عليه وسلم لأربعين سنة، فمكث فيها ثلاث عشرة يوحى إليه، ثم أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين، ومات وهو ابن ثلاث وستين سنة، وقد كانت هجرته صلي الله عليه وسلم فى شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة من بعثته صلي الله عليه وسلم وذلك فى يوم الاثنين، كما رواه الإمام أحمد عن ابن عباس، أنه قال ولد نبيكم يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، ونبئ يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين.
وتوفى يوم الاثنين، وقال محمد بن إسحاق وكان أبو بكر حين استأذن رسول الله صلي الله عليه وسلم فى الهجرة فقال له “لا تعجل لعل الله أن يجعل لك صاحبا” وقد طمع بأن يكون رسول الله صلي الله عليه وسلم إنما يعنى نفسه، فابتاع راحلتين حبسهما فى داره يعلفهما إعدادا لذلك، وقال الواقدى اشتراهما بثمانمائة درهم، وإنه إذا تبدل الناس أو غيروا في طريق ومنهج الله عز وجل، فإنه بذلك تصير هناك علامات يقتدي بها السائرون على الطريق، ففي كلتا الحالين هناك ثبات، فإن ظلمات المحن التي يتقلب فيها لا يرى بارقة أمل أو نصر غير يقين غرسه في أعماق نفسه، أو مغريات تزوغ لها الأبصار، وتتهافت أمامها القلوب الخاوية، فحقا إنه الصدق مع الله عز وجل، فيقول تعالي .
” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا” فهو صدق نية خلص بها القلب، وصدق تتحرك به الجوارح، فالإنسان ربما يصاب بمصيبة في نفسه أو مصيبة في أهله أو مصيبة في أصحابه أو مصيبة في نواح أخرى، فإذا قابل هذه المصائب بالصبر وانتظار الفرج والأجر من الله، صارت المصائب تكفيرا لسيئاته ورفعة في درجاته، وقد وردت الآيات والأحاديث الكثيرة في ذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم “ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها” وعن أم العلاء رضي الله عنها قالت عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضة، فقال “أبشري يا أم العلاء فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الذهب والفضة” رواه أبو داود.
وقال صلى الله عليه وسلم “ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة ومحيت عنه بها خطيئة” وقال صلى الله عليه وسلم “عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له” فهذه الأحاديث وما ورد بمعناها بشرى للمؤمن، تجعله يحتسب عند الله المصائب التي تنزل به فيصبر عليها ويحتسب ثوابها عند الله عز وجل لأنه يعلم أن ذلك من عند الله تعالى وأن سببها من نفسه، كما قال تعالى في سورة الشوري ” وما اصابكم من مصيبة قبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير” ومن التوجيهات النبوية في الرضا بأقدار الله، هو ما روي عن أبي هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.
” المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان” رواه مسلم. عاقبة تبديل منهج الله تعالي