مقالات

عبّاد القبور ليسوا بمؤمنين

عبّاد القبور ليسوا بمؤمنين

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الولي المولى، رب الأرض والسماوات العلى، سبحانه يعلم السر وأخفى، وسامع النجوى وكاشف البلوى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين، أقام الكون على مقتضى علمه ودبره بإرادته وهو العالم بما تبطنه الضمائر وما تخفيه السرائر وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وحبيبه، خير العاملين بدين الله رب العالمين وسيد الغر المحجلين، فاللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد لقد حذر الإسلام من الجهل والشرك بالله تعالي دون أن يشعر الإنسان، وقيل فيمن إرتكب بعض أنواع الشرك جهلا ” لم يمكن تكفيرهم حتى يبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم” ولم يقل لم يمكن تكفيرهم لأنهم جهال كما قال في المنكر لبعض الصفات جهلا، وقال تقي الدين.

“ومن زعم أن الصحابة إرتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ريب في كفر قائل ذلك بل من شك في كفره فهو كافر” فانظر تكفيره الشاك مع القطع بأن سبب الشك هو الجهل، وقال تقي الدين أيضا ” فكل من غلا في نبي أو رجل صالح، فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل” ولم يخص القتل بمن تحقق منه الفساد، ولم يقل في هؤلاء وأشباههم لم يكفروا لأنهم جهال كما قال في الجهمية وهذا كثير في كلامه رحمه الله، وقال ابن تيمية ” لما إستحل طائفة من الصحابة والتابعين الخمر كقدامة وأصحابه وظنوا أنها تباح لمن آمن وعمل صالحا على ما فهموه من آية المائدة، إتفق علماء الصحابة كعمر وعلي وغيرهما على أنهم يستتابون فإن أصرّوا على الإستحلال كفروا وإن أقروا به جلدوا، فلم يكفروهم إبتداء لأجل الشبهة حتى يتبين لهم الحق فإن أصروا كفروا” فحجة الله قائمة على عباده ببلوغ الحجة لا بفهمها.

فبلوغ الحجة شيء وفهمها شيء آخر، لهذا لم يعذر الله تعالي الكفار بعدم فهمهم بعد أن بلغتهم حججه وبيناته وهذا ظاهر بحمد الله” وقال أيضا رحمه الله ” وأما قول من يقول إن الآيات التي نزلت بحكم المشركين الأولين فلا تتناول من فعل فعلهم فهذا كفر عظيم فهل يقول إن الحدود المذكورة في القرآن والسنة كانت لقوم انقرضوا؟ فلا يُحد الزاني ولا تقطع يد السارق ونحو ذلك مع أن هذا قول يستحي من ذكره أفيقول هذا إن المخاطبين بالصلاة والزكاة وسائر شرائع الإسلام انقرضوا وبطل حكم القرآن؟ والأصوليون يقولون إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وقد أكد الإمام المجدد ذلك مرارا وعاب على من عابه بذلك القول وأثبت تناقض أولئك وتهافت شبهتهم تلك، وقال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن ” وربما سمع بعضهم قول بعض المفسرين هذه نزلت في عباد الأصنام هذه في النصارى، فيظن الغر أن ذلك مختص بهم.

وأن الحكم لا يتعداهم وهذا من أكبر الأسباب التي تحول بين العبد وبين فهم القرآن والسنة” وقال الشيخ السهسواني رحمه الله “نعم قد إستدل الشيخ رحمه الله على كفر عباد القبور بعموم آيات نزلت في الكفار وهذا لا محذور فيه إذ عبّاد القبور ليسوا بمؤمنين عند أحد من المسلمين” وقال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله “ومن عجائب دحلان وأمثاله أنهم يظنون أن ما بينه القرآن من بطلان شرك المشركين خاص بهم لذواتهم وليس بحجة على من يفعل ذلك منهم، كأنّ من وُلد مسلما يباح له الشرك لجنسيته الإسلامية” وقد أوردت في الفقرة السابقة نقولا عن أئمة الدعوة تنقض تلك التهم المتهافتة التي لو ألقيت على غيرهم ممن لم يجردوا سيوف التوحيد لقتال أهل الإشراك والتنديد لكان لها عند بعض الناس صدى، أما أن يأتي إلى مثل هؤلاء بمثل تلك الفرية فهذا مما يضحك الثكلى ولله الأمر من قبل ومن بعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى