المقالات

عودة الإمام عبده إلي بيروت

جريدة موطنى

عودة الإمام عبده إلي بيروت

بقلم / محمـــد الدكـــروري  

عودة الإمام عبده إلي بيروت

ذكرت المصادر التاريخية كما جاء في كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن الإمام محمد عبده, وقيل أنه عاد الشيخ محمد عبده إلى بيروت سنة، مره أخري بعد أن تهاوى كل شيء من حوله، فقد فشلت الثورة العرابية، وأغلقت جريدة العروة الوثقى، وابتعد عن أستاذه الذي رحل بدوره إلى فارس وكان على محمد عبده يشغل وقته بالتأليف والتعليم، فشرح نهج البلاغة ومقامات بديع الزمان الهمذاني، وأخذ يدرّس تفسير القرآن في بعض مساجد بيروت، ثم دُعي للتدريس في المدرسة السلطانية ببيروت، فعمل على النهوض بها، وأصلح برامجها، فكان يدرّس التوحيد والمنطق والبلاغة والتاريخ والفقه، كما كتب في جريدة ثمرات الفنون، عددا من المقالات تشبه مقالاته في الوقائع، وبالرغم من أن مدة نفيه. 

 

التي حكم عليه بها كانت ثلاث سنوات فإنه ظل في منفاه نحو ست سنين، فلم يكن يستطيع العودة إلى مصر بعد مشاركته في الثورة على الخديوي توفيق، واتهامه له بالخيانة والعمالة، ولكن بعد محاولات كثيرة لعدد من الساسة والزعماء، منهم سعد زغلول والأميرة نازلي، ومختار باشا، صدر العفو عن محمد عبده، وآن له أن يعود إلى أرض الكنانة، وعند العودة إلى مصر كان كل شيء قد أصبح في يد الإنجليز، وكان أهم أهداف الشيخ محمد عبده هو إصلاح العقيدة، والعمل على إصلاح المؤسسات الإسلامية كالأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية واتخذ محمد عبده قراره بمسالمة الخديوي، وذلك حتى يتمكن من تنفيذ برنامجه الإصلاحي الذي يطمح إلى تحقيقه، والاستعانة بالإنجليز أنفسهم إذا اقتضى الأمر. 

 

فوضع تقريرا بعد عودته حول الإصلاحات التي يراها ضرورية للنهوض بالتعليم، ورفعه إلى اللورد كرومر نفسه، فحقيقية الأمر التي لا جدال فيها أنه كان القوة الفاعلة والحاكم الحقيقي لمصر وكان الشيخ محمد عبده يأمل أن يكون ناظرا لدار العلوم أو أستاذا فيها بعد عودته إلى مصر، ولكن الخديوي والإنجليز كان لهما رأي آخر ولذلك فقد تم تعيينه قاضيا أهليا في محكمة بنها، ثم الزقازيق، ثم عابدين، ثم عين مستشارا في محكمة الاستئناف وبدأ يتعلم اللغة الفرنسية وهو قاضي في عابدين وكانت سنه حينئذ قد شارفت على الأربعين حتى تمكن منها، فاطلع على القوانين الفرنسية وشروحها، وترجم كتابا في التربية من الفرنسية إلى العربية، وبعد تولي الخديوي عباس، الذي كان متحمسا على مناهضة الاحتلال. 

 

سعى الشيخ محمد عبده إلى توثيق صلته به، واستطاع إقناعه بخطته الإصلاحية التي تقوم على إصلاح الأزهر والأوقاف والمحاكم الشرعية، وصدر قرار بتشكيل مجلس إدارة الأزهر برئاسة الشيخ حسونة النواوي، وكان الشيخ محمد عبده عضوا فيه، وهكذا أتيحت الفرصة للشيخ محمد عبده لتحقيق حلمه بإصلاح الأزهر، وهو الحلم الذي تمناه منذ أن وطئت قدماه ساحته لأول مرة وتم تعيينه مفتيا للبلاد، ولكن كانت علاقته بالخديوي عباس كان يشوبها شيء من الفتور، الذي ظل يزداد على مر الأيام، خاصة بعدما اعترض على ما أراده الخديوي من استبدال أرض من الأوقاف بأخرى له إلا إذا دفع الخديوي للوقف عشرين ألف فرقا بين الصفقتين، وتحول الموقف إلى عداء سافر من الخديوي. 

 

فبدأت المؤامرات والدسائس تحاك ضد الإمام الشيخ، وبدأت الصحف تشن هجوما قاسيا عليه لتحقيره والنيل منه، ولجأ خصومه إلى العديد من الطرق الرخيصة والأساليب المبتذلة لتجريحه وتشويه صورته أمام العامة حتى اضطر إلى الاستقالة من الأزهر، وإثر ذلك أحس الشيخ بالمرض، واشتدت عليه وطأة المرض، الذي تبيّن أنه السرطان، وقد انتقل إلى رحمة الله تعالى بالإسكندرية في الساعة الخامسة مساء يوم التاسع من شهر جمادى الأولى سنة ألف وثلاثمائة وثلاثة وعشرين من الهجرة، الموافق الحادي عشر من شهر يوليو سنة ألف وتسعمائة وخمسة ميلادي، عن سبع وخمسين سنة، ودفن بالقاهرة. 

عودة الإمام عبده إلي بيروت

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار