
((( عيناكِ و قراءة الشعراء ٠٠!! )))
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر ٠
إن العيون التي في طرفها حور قتلتنا ثم لم يحيين قتلانا٠
( الشاعر جرير )
عزيزي القارىء الكريم ٠٠
في البداية الحديث عن ( لغة العيون ) ذو شجون و لِمَ لا فالعيون مصدر وطريق معرفة الوصول إلى الجمال ، حتى قيل للقلب عيون ربما يعنون البصيرة ٠
حيث تظل العيون منفتحة على الروح ، و من ثم كانت نقطة إلهام للفلاسفة و المفكرين و الشعراء و من منظور العينين نقرأ صفحات الكون من رحلة تجاربنا ، و بمشاعر ترسم لوحة العشق شعرا ، و تنطق بالحقيقة و الرمزية و عبقرية و كيفية الوصول إلى مقدمات الجمال ، و صدق إيليا أبو ماضي حينما قال :
و الذي نفسه بغير جمال لا يرى في الوجود شيئاً جميلا ٠٠!٠
والذي معه تولد أسرار الحياة من جديد هكذا ٠٠
و من ثم لا يسعني هنا إلا أن اترجم شعوري مجددا لنفسي من قولي :
” عيناك ِ عنوان شاعر لا يبوح
لكن صمتها يشفي الجروح
فهي قمر في الأرض يلوح
و خيوط فجر بين الوادي و السفوح ٠٠
قالوا عن عينيكِ الكثير في مواسم الشوق ٠٠
قصص فاقت الخيال
و تنافست في الجمال
و أمست كلمة الكمال ٠
و بعد هذا الاستهلال أتوقف مع ظلال الشعراء في تصوير ملمح العينين في بهاء ٠٠
قال امرؤ القيس :
رجل وما استسلمت قبل لفارس مالي أمام عيونها مستسلم !
أعود منتصرا بكل معاركي وامام عينيها البريئة أهزم ٠
قال جرير :
إن العيون التي في طرفها حور قتلتنا ثم لم يحيين قتلانا
و قال مجنون ليلى قيس ابن الملوح عن العيون :
إن العيونَ التي بالوصلِ تُضحكني هيَ العيونُ الّتي بالهجرِ تُبكيني
و قال صفي الدين الحلي :
كُفّي القِتالَ وَفُكّي قَيدَ أَسراكِ
يَكفيكِ ما فَعَلَت بِالناسِ عَيناكِ
كَلَّت لِحاظُكِ مِمّا قَد فَتَكتِ بِنا
فَمَن تُرى في دَمِ العُشّاقِ أَفتاكِ
كَفاكِ ما أَنتِ بِالعُشّاقِ فاعِلَةٌ
لَو أَنصَفَ الدَهرُ في العُشّاقِ عَزّاكِ ٠
و ها هو أمير أحمد شوقي يقول في وصف العيون:
عيناكِ بحرٌ والجفون شواطئ – والهدبُ خَلقٌ حولها عشاقُ ٠
و قال نزار قباني في غزل العيون :
وعيناك داري ودار السلام وانت البداية في كل شيء ومسك الختام ! ٠
و يقول نزار قباني عن غرناطة :
عيناك.. آخر مركبين يسافران
فهل هنالك من مكان؟
إني تعبت من التسكع في محطات الجنون
وما وصلت إلى مكان..
عيناك آخر فرصتين متاحتين
لمن يفكر بالهروب..
وأنا.. أفكر بالهروب..
عيناك آخر ما تبقى من عصافير الجنوب
عيناك آخر ما تبقى من حشيش البحر،
آخر ما تبقى من حقول التبغ،
آخر ما تبقى من دموع الأقحوان
عيناك.. آخر زفةٍ شعبيةٍ تجري
وآخر مهرجان..
آخر ما تبقى من مكاتيب الغرام
ويداك.. آخر دفترين من الحرير..
عليهما..
و يقول بدر شاكر السياب الشاعر العراقي :
عيناك غابتا نخيل ساعة سحر
أو شرفتان راح يأى عنهما القمر
عندما تبسمان تورق الكروم ٠
و يقول الشاعر ابراهيم حمدان :
عيناك لؤلؤتان في محارتينْ أو كوكبان على مدار مجرتينْ. في البحر أو في الجو شئتِ فإنني سأنال من عينيك أحدى الحسنيين ٠
و تقول غادة السمان :
عيناك قدري لا أستطيع أن أهرب منهما وأنا أرسمهما في كل مكان وأرى الأشياء خلالهما ٠
و يقول غسان كنفاني :
تاهتْ عُيوني في بُحورِ عُيونِها واختارَ قلبي أن يغوصَ فيغرقا أوَّاهُ من رمشٍ أحاطَ بعينها سهمٌ توغَّلَ في الوريدِ فمزَّقا.
و نختم بقول محمود درويش :
عيناك نافذتان على ُحلم لا يجيءُ و في كل ُحلم أرمّم ُحلماً و أحلُم ٠
” مررتُ بعيونٍ كثيرة، لكنني لم أضيع إلا في عينيكِ”.
مع خاتمة المطاف :
بعد هذه الرحلة الشاقة و الشيقة مع العيون ، و قد قالوا عن العيون كلاما كثيرا و يكفيني أن أرسمك لوحة كبرياء ٠٠
عيناك ِ قصيدتان
تملأن الأفق حب و أشجان
عيناك ِ صورة الصدق والجمال و منبع الحنان ٠
عيناك أسرار اللؤلؤ في جزيرة الحب حيث ركض الغزلان ٠
و بعد هذه الرحلة المصاحب للعيون من خلال توظيفها في نتاج بعض الشعراء كي نقرب لنا تجاربهم و مشاعرهم مع ماهية العيون و مدى أثرها في التذوق الفني دائما ٠