
قائد مظفر وعابد تقي
إطلالة ل عبادي عبدالباقي
قائد مظفر و عابد تقي
أولا :-
مفهوم كلمة قائد :-
من أصل فعل قود وهي تعني الشخص الذي يتحكم في مسار الشئ أو الكيان وتوجهاته ومن المعتاد في المجتمع أن يكون القائد ذا صفات طيبة.
الوظيفة الحقيقية للقائد هي :- توجيه الناس للطريق الأفضل نظرا لقوته الداخلية التي يمكن أن يستمد منها الناس القوة عندما يصابوا بالإحباط وفقدان الأمل .
مرادف كلمة قائد الجيش :-
هو أعلى منصب في الجيش أو المؤسسة العسكرية ، ويتم تعيينه مباشرة من رئيس الدولة أو الحاكم ، ويعطى له كافة الصلاحيات والأوامر الخاصة بالأمور العسكرية ، وكان المصطلح يستخدم قديماً لأعلى منصب في الجيش ، وقد تغير مصطلح قائد الجيش إلى القائد العام للقوات المسلحة في الوقت الحالي.
قائد مظفر :-
قائد لا يحارب إلا انتصر بإذن الله سبحانه وتعالى وظفر بعدوه .
ثانيا :-
صلاح الدين الأيوبي
(الميلاد- نسبه-النشأة )
أ- نسب صلاح الدين :-
ينتمي إلى عائلة كردية ، كريمة الأصل ، وعظيمة الشرف ، و تنتسب هذه العائلة إلى قبيلة كردية تعد من أشراف الأكراد نسباً ، وعشيرة ، وهذه العشيرة تعرف بالروادية، وهي تنحدر من بلدة دوين الواقعة عند اخر حدود أذربيجان بالقرب من مدينة تفليس في أرمينية ، و ينتسب الأيوبيون إلى أيوب بن شادي ، و يعتبرون من اشرف الأكراد ؛ لأنهم لم يجر على أحد منهم رق أبداً كما أن والد صلاح الدين ، نجم الدين أيوب ، و عمه أسد الدين شيركوه عندما قدما إلى العراق ، و بلاد الشام لم يكونا من الرعاة ، و إنما كانا على درجة عالية من الخبرة في الشؤون السياسية ، والإدارية ، غير أن بعض الأيوبيين حاول أن ينكر أصلهم الكردي ، و الالتصاق بالدم العربي عامة ، و بنسل بني أمية خاصة . ومهما كان أصل البيت الأيوبي ؛ فإن ظهورهم على مسرح الأحداث في المشرق الإسلامي وضح منذ القرن السادس الهجري
الثاني عشر الميلادي حين تولى شادي جدهم الأكبر بعض الوظائف الإدارية في قلعة تكريت ؛ التي كانت إقطاعاً لبهروز الخادم أحد أمراء السلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه، وكانت تكريت الواقعة على الضفة اليمنى لنهر دجلة شمالي سامراء ، تتحكم في أغلب الطرق الرئيسية المارة بين العراق ، وبلاد الشام، وكان أغلب سكانها من الأكراد ، وقد انتقل لها شادي مع ابنيه نجم الدين أيوب ، وأسد الدين شيركوه ، وتدرج في المناصب الإدارية فيها ؛ حتى ولي وظيفة الشحنة ، ولما توفي خلفه ابنه نجم الدين أيوب .
وقد قام نجم الدين بخدمة السلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه
فرأى منه أمانةً، وعقلاً، و سداداً ، وشهامة ، فولاه قلعة تكريت ، فقام في ولايتها أحسن قيام ، وضبطها أكرم ضبط ، و أجلى عن أرضها المفسدين ، وقطاع الطرق ؛ حتى عمرت أرضها ، وحسن حالها.
وكذلك أسد الدين شيركوه كان من الأمراء المقدمين عند السلاجقة الذين أقطعوه إقطاعاً كبيراً في تكريت ، وما حولها ؛ حتى إن إقطاعه كانت تقدر قيمته بحوالي تسعمئة دينار سنوياً، وهو مبلغ كبير بمقياس ذلك العصر .
ب – ولادة صلاح الدين:
ولد صلاح الدين الأيوبي عام ٥٣٢هـ/١١٣٧م في قلعة تكريت ، وهي بلدة قديمة أقرب إلى بغداد منها إلى الموصل .
ج – نشأة صلاح الدين :-
هاجر الأخوان نجم الدين أيوب ، و شيركوه من بغداد إلى الموصل، حيث نزلا عند (عماد الدين زنكي) الذي رحب بالأخوين ترحيباً عظيماً ، وأجرى عليهما المنح ، و العطايا، وما هذا الترحيب، والإكرام إلا مكافأة على موقفهما المخلص من إنقاذهما له من القتل ، أو الأسر ، ذلك؛ لأن عماد الدين زنكي صاحب الموصل قد حارب السلجوقية عند «تكريت» أيام كان «بهروز» والياً على بغداد من قبل السلجوقيين .
وسبق أن ذكرنا أن نجم الدين أيوب، و شيركوه كانا قائمين على تكريت و قلعتها من قبل بهروز، وكان من نتيجة حرب عماد الدين للسلجوقيين أن انهزم جيشه أما جيش السلطان السلجوقي، وفي أثناء انسحابه، ورجوعه إلى الموصل مر بتكريت ، وأصبحت حياته هو وجيشه في يد نجم الدين أيوب والي تكريت يومئذ ، إن شاء ابقاهم أحياءً، وإن شاء قتلهم ، ففضل نجم الدين الإحسان على الإساءة ، فقام هو ، وأخوه شيركوه بمساعدة عماد الدين، وسهلا له أمر النجاة والسلامة؛ حتى وصل إلى الموصل. فكان لهذه المعاملة الحسنة، والموقف النبيل أكرم الأثر ، وأحسن النتائج في بناء ملك أيوب ، وإقامة مجد الإسلام على يد صلاح الدين.
ولما وصل الرجلان إلى الموصل ؛ لقيهما عماد الدين ، كما ذكرنا بالترحاب ، و جازاهما على ما صنعا معه من الجميل له في تكريت ، فأقطعهما أرضاً ليعيشا عنده ، معززين مكرمين .
وفي رحاب عماد الدين تطورت الأسرة الأيوبية ، فقد أصبح نجم الدين ، وأخوه شيركوه من خيرة القادة، وقتل عماد الدين بعد ذلك ، وأصبح نور الدين صاحب اليد الطولى ، وكان ذلك بمساعدة الأيوبيين ، واستطاع أن يضم دمشق لملكه، وفي دمشق ترعرع صلاح الدين، وتلقى علومه الإسلامية، ومارس فنون الفروسية ، والصيد ، والرمي بالسهام ، وغيرهما من ضرورات البطولة .
التحق صلاح الدين في خدمة عمه أسد الدين شيركوه ، وكان أسد الدين مرافقاً لنور الدين ؛ الذي تولى قيادة الزنكيين بعد مقتل والده ، ويبدو أن نور الدين كان قد أدرك قدرات صلاح الدين العسكرية ، والإدارية .
أن صلاح الدين تقدم بين يدي نور الدين فقبله، و أقطعه إقطاعاً حسناً ، وعول عليه ، ونظر إليه ، وقربه ، و خصصه ، ولم يزل يتقدم تقدما تبدو منه أسباب تقضي تقديمه إلى ما هو أعلى .
وكان نور الدين يكلفه بالذهاب إلى عمه لاستشارته في قضايا تخص الدولة ، و المكوس ، والضمانات ، فقد كان نور الدين يهتم بمشاورة كبار قواده .
وتسمى هذه الوظيفة لصلاح الدين في العصر الحديث
(كاتم الأسرار )وضابط الركن الشخصي لنور الدين .
وفي المدة التي قضاها في دمشق بعد استيلاء نور الدين بن عماد الدين زنكي عليها ؛ ظهرت شخصية صلاح الدين الفذة ، فكان محل احترام ، وتقدير ، بل كان له من الاعتبار ، والمكانة ما لابن حاكم دمشق نفسه ، وقد ظهر أمام المجتمع بمظهر الشاب الهادئ المهذب المتدين ، المتقد غيرةً على الإسلام ، والمسلمين بما طبع في نفسه من أخلاق نور الدين ؛ الذي أنزله لديه منزلةً خاصةً .
سلطة صلاح الدين بدأت منذ توليه الوزارة، ليدعمها بخطوة القضاء على الدولة الفاطمية ، لكنه من الناحية الشرعية كان لا يزال تابعاً لسلطة نور الدين محمود ، الذي ما لبث وأن توفي سنة ٥٦٩هـ/١١٧٤م، ولذلك فإن سنة الوفاة تعتبر هي تاريخ ابتداء الدولة الأيوبية؛ التي اعترف بها الخليفة العباسي المستضيء بالله سنة ٥٧٠هـ/١١٧٥م.
ثالثا :-
أبرز سمات صلاح الدين :-
خاشع القلب، غرير الدمع ، إذا سمع القرآن الكريم يخشع قلبه و تدمع عيناه .
لطيف الأخلاق ، حسن العشرة، محبا للفكاهة، عالما بأنساب الخيل ، حافظا لأنساب العرب .
كريم ، يحترم كل من في خدمته ، و يعاملهم معاملةً حسنةً.
كان مصيبا في كل مما أتى وترك من الأعمال، كما كان محقا في صوابه و خطئه.
رحيم على الأيتام حنون عليهم ، ومحب لأولاده وأهله .
عادل ، وكان يؤمن أن العدل ثمرة من ثمرات الإيمان .
ناصر للضعيف على القوي.
متوازنا في شخصيته، و تقيا مؤمنا بقضاء الله وقدره خيره وشره .
شديد المواظبة على صلاة الجماعة.
محب لسماع القرآن الكريم ، وكان يشترط لإمامه أن يكون عالما بعلوم القرآن الكريم متقنا لحفظه ، حيث كان يستقرِئ من يحرسه في الليل وهو في برجه في الجزأين والثلاثة والأربعة وهو يسمع .
شجاع عظيم لا يهاب في الدين لومة لائم، قوي النفس، ولم يكن يستعظم أمر العدو أبدا ولا يستكثرهم .
شديد الاهتمام بالجهاد والمواظبة عليه ، فلقد استولى الجهاد على قلبه وسائر جوانحه ، حيث ما كان له حديث إلا فيه ، ولا كان له اهتمام إلا برجاله ، فقد هجر أهله وأولاده ووطنه وسائر بلاده محبةً للجهاد .
صبور على آلامه ومرضه .
حليم ، وعفو ، وقليل الغضب .
كثير المروءة ندي اليد ، وكثير الحياء، مبتسم الوجه لم يرد عليه من الضيوف .
برصيد أخلاقي كبير ، ساعده على تحقيق أهدافه العظيمة .
رابعا :-
أبرز إنجازات القائد المظفر:-
قاد صلاح الدين بعدة حملات ومعارك ضد الفرنجة وغيرهم من الصليبيين الأوروبيين في سبيل استعادة الأراضي التي كان الصليبيون قد استولوا عليها في أواخر القرن الحادي عشر، وقد تمكن في نهاية المطاف من استعادة معظم أراضي فلسطين ولبنان بما فيها مدينة القدس ، بعد أن هزم جيش بيت المقدس هزيمة منكرة في معركة حطين .
تمكن من توحيد العديد من الدول بما في ذلك مصر والشام ، و تزعم الجهاد ضد الصليبيين وحقق العديد من الانتصارات الكبيرة.
يعود الفضل لصلاح الدين الأيوبي في تأسيس دولة قوية وعظيمة تبسط سيطرتها على مصر ، والشام ، والحجاز ، واليمن ، و أعالي العراق ، وجزء من تركيا ، و أجزاء من ليبيا ، والنوبة .
خامسا :-
صلاح خبير اقتصادي وعسكري :-
استفاد صلاح الدين الأيوبي من ثروات مصر التي كانت الداعم المالي الأول له في غزو سوريا ، ثم استغل ثروات سوريا لغزو شمال بلاد ما بين النهرين ، والتي استخدم ثرواتها لغزو الولايات الصليبية التي تقع على طول الساحل الشرقي .
أقام صلاح الدين في بيت المقدس في عمر السابعة والخمسين ، والتفت لتنظيم الشؤون الإدارية لإقليم فلسطين ، بالإضافة إلى أنه أمضى معظم وقته إما في الصيد ، أو في مناقشة العلماء في المسائل الدينية .
توفي صلاح الدين الأيوبي في عام ١١٩٣م ، وذلك بعد إصابته بحمى صفراوية استمرت لاثني عشر يوماً .
جدير بالذكر
هناك سؤال يطرح نفسه
بالأمس البعيد أعاد أمير المؤمنين عمربن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه بيت المقدس وبالأمس أعاد القائد المظفر صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس .
من يعود لنا القدس اليوم ؟
هذا مبلغ علمي والله أعلى وأعلم
قائد مظفر وعابد تقي