شعر

قراءة نقدية لقصة “لقاء مع بورخيس” للكاتب المبدع سعيد رضواني .

قراءة نقدية لقصة “لقاء مع بورخيس” للكاتب المبدع سعيد رضواني .

بقلم الناقد عبد السلام بوكورات.

العنوان: ” أنا لا ألبس معطف بورخيس ولا استعمل نظاراته”

   

   قرأت إبداع القاص سعيد رضواني بعشق وشغف كبير باحثا فيه عن متعة السرد ومتابعا ، في حدود امكانياتي القرائية ، مشروعه السردي الذي غالبا ما يفصح عنه سارده وحافظ اسراره من حين لآخر حتى كاد يصبح مكونا من مكونات ابداعاته بدءا من “مرايا”، “قلعة المتاهات” ، مرورا ب “أبراج من ورق”. وانتهاء بهذا النص الماتع والممتع “لقاء مع بورخيس”.

وأنا اتابع هذا اللقاء ، أثارتني العديد من النقاط اختزلها كالتالي:

* الطريقة التي أدار بها ساردك الحوار .

* شخصية المحاور .

* زمن وتوقيت وأجواء الحوار .

المواضيع التي تمت إثارتها. 

قراءة نقدية لقصة “لقاء مع بورخيس” للكاتب المبدع سعيد رضواني .

   إن اختيار سارد لشخصية وازنة في عالم الأدب العالمي لم يكن بالصدفة ، بل مقصودا لأن الكثير مما يجمعهما يفرقهما ، والكثير مما يفرقهما يجمعهما…رغم البعد الزمني والذي سافر من خلاله السارد للقاء بورخيس. ألم يقل السارد “…أتأمل السور وأنا أفكر بأننا نحن البشر أيضا مطوقون بالزمن، ولا سبيل لنا للانفلات من طوقه إلا بالتذكر.”؟ ( أبراج من ورق / ص.51). 

ففي هذا السفر وجد السارد كثيرا من المتعة. 

أكيد أنه لضمان نجاح مثل هذا اللقاء حضر السارد جيدا للمقابلة ويبدو أنه كان ملما بأعمال ضيفه واسلوبه ورؤيته للعالم ، بل وبحياته الشخصية والادبية والمعرفية وبعض التفاصيل الدقيقة التي تميز كتابات سعيد رضواني والتي جعلت السارد ينتبه إليها وهو يتفحص كيف يخرج بورخيس يديه من المعطف وكيف يعيدها ، متى ينزع عنه النظارات ومتى يضعها …. لقد حدد السارد أهدافه بوضوح وحاور بوضوح وكأن مستمعا جيدا يظهر اهتماما حقيقيا بآرائه وخبراته…أسئلته كانت مفتوحة تشجع على الحوار العميق والمناقشة الجادة، واحترامه وتقديره لضيفه كان رائعا، فقد تجنب الإساءة وجعل الحوار منبرا للاهتمام من لذن القاريء/ المتلقي.

احسن السارد اختيار المكان ، عند بائع الجرائد قرب المدار، حيث مفترق الطرق هو ملتقاها، وملتقاها هو مفترقها. بالقرب من البحر الذي يرتاح له السارد حين يشتد عليه الضغط ويركن له للتأمل قبل التفكير في ما عليه فعله . ألم يكن عزاؤه في يوم ما في رواية “الشيخ والبحر” متسلحا بقولة ” اصبر سانتياغو!” أقولها أنا أو يقولها كريم مشجعين بعضنا البعض كي نستمر في الكتابة ؟( أبراج من ورق / ص.76).

المناسبة والأجواء كان اختيارهما موفقا ، لأن معرض الكتاب غالبا ما يكون ملتقى الكتاب والمبدعين والعلماء ومفترقهم ، فيه تتم اللقاءات وتناقش فيه الأفكار ويحتفى بالكتاب ، ويكرم الكتاب ….والسارد أراد الاحتفاء بأحد الكتاب الذين تركوا بصمة في مسيرته الإبداعية. فهو يؤمن بالتأثير والتأثر…

أعتقد، بكل تواضع، أن اللقاء مر في مناخ يطبعه الاحترام والتقدير والودية والاحترافية بحيث تجنب السارد خلاله كل ما يمكن أن يثير الصدام والجدل الفارغ . كان السارد منفتحا بما يكفي على الآراء والأفكار المختلفة الشيء الذي جعل الحوار صادقا وشفافا وممتعا للجميع ( المحاور والمحاور والقاريء/المتلقي. لقد حافظ السارد على علو كعبه ولم يكتف بكونه متلقيا سلبيا لأفكار محاوره، بل شارك بكل جرأة أضافت طبقات من المعنى على الحوار الذي جعل المتلقي يشعر بأنه أمام مناظرة حقيقية بين شخصيتين لهما أفكار فريدة ومبتكرة.

كان اللقاء فعلا، رحلة فكرية عميقة تمت فيها إثارة جملة من القضايا المهمة التي تميز كل من إبداعات بورخيس وإبداعات سعيد رضواني كالمرايا وكيفية اشتغالها ، المتاهات، الزمن ، التناظر ، العلاقة بين الأدب والقراءة، بين الأدب والعلم ، السرد وكيفية اشتغاله، اللغة ، وهي قضايا لطالما اهتم بها بورخيس ويهتم بها مبدعنا الجميل سعيد. وقد اتضح من خلال اللقاء أن لكل بصمته في التعامل مع هذه المواضيع . وقد أثارني فعلا ما قاله حافظ السارد:” أردت فقط التعبير عن حبي لك ، لكني لا أريد أن أكون إلا أنا “. ( النص). 

من الأفكار التي أثارتني في الحوار مقولة” لعل كتب الأدب هي آخر ما ينفعنا في كتابة الأدب” .هي فكرة مثيرة للاهتمام تشير إلى أن قراءة الكتب الأدبية لوحدها قد لا تكون كافية لإنتاج عمل أدبي أصيل( original )، وربما قد تكون عائقا أمام الابداع الحقيقي، وهذا يعني أن الكاتب يحتاج إلى أكثر من مجرد قراءة كتب الأدب ليكون قادرا على إنتاج عمل أدبي فريد وليس مجرد تقليد أو إعادة صياغة ما قرأ.  

في الختام ، لا يسعني إلا أن أهنئ المبدع سعيد رضواني على هذا الابداع الجميل وأكيد أن القادم بحول الله، سيكون أجمل واحلى ، وحظ سعيد.

قراءة نقدية لقصة "لقاء مع بورخيس" للكاتب المبدع سعيد رضواني .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى