
قمة بغداد.. حين حضرت مصر وتخاذل الأشقاء
بقلم: أشرف ماهر ضلع
في بغداد، المدينة التي تتقاطع فيها دماء التاريخ مع أنفاس الحاضر، انعقدت قمة كانت تحمل من الأمل ما يكفي لترميم جراح الأمة، ومن الترقب ما يشي بأن شيئًا قد يتغير. هناك، وقفت بغداد شامخة رغم ركام السنين، تستدعي أشقاءها العرب لصفحة جديدة، فإذا بالبعض يلبّون، والآخرين يخذلون.
مصر… الحضور الذي يصنع الفرق
حضرت مصر لا كضيفة، بل كأمّة تحمل همّ العروبة في عروقها، وتُدرك أن دورها لا يُؤجَّل مهما اشتدت الأنواء. حضور الرئيس المصري في قمة بغداد لم يكن زيارة بروتوكولية، بل موقفًا سياسيًا وأخلاقيًا يليق بتاريخها وعمقها العربي.
جاءت مصر لتقول: “ما زلنا هنا… نؤمن بأن ما يجمعنا أكبر مما يفرقنا، وأن العراق ليس وحده، وأن القلب العربي لا يزال ينبض رغم الخذلان.”
تخاذل بلا مبرر
وفي المقابل، غاب من غاب، وكأن بغداد لا تعنيهم، وكأن عراق الحضارة ليس من جسد هذه الأمة. تخاذل البعض تحت ذرائع شتى: حسابات سياسية ضيقة، وولاءات مرتهنة، ومواقف مترددة لا تشبه شجاعة القادة ولا نُبل الغايات.
أيُّ عذرٍ يسوغ غيابكم عن مائدة تجمع شمل أمة؟ أيُّ حساب يعلو على دمعة يتيمٍ في الموصل، أو صرخة أمٍّ في النجف؟ إن الصمت في لحظات التاريخ الكبرى خيانة، وإن التغيب عن بغداد اليوم، وصمة لا يمحوها التبرير.
قمةٌ بلا أقنعة
في قمة بغداد، سقطت الأقنعة، وتكشّف معدن المواقف. فالمحبة تُقاس بالحضور، والصدق يُقاس بالمبادرة، أما التغيب فصوتُه أعلى من الحضور، لكن أثره أشدُّ وجعًا.
ومع ذلك، لا تزال بغداد تفتح ذراعيها، كأمٍّ تنتظر عودة أبنائها، لا تحمل الضغينة، بل الرجاء.
قمة بغداد.. حين حضرت مصر وتخاذل الأشقاء
العراق اليوم لا يحتاج إلى بياناتٍ إنشائية، بل إلى مواقف حقيقية.
والأمة لا تبنى بالكلمات، بل بالحضور عند الحاجة.
وقد حضرت مصر، كالعادة، حين غاب كثيرون.
لأن الكبار يعرفون أن الأوطان لا تُرمَّم من بعيد،
بل تُرمَّم بالاقتراب، بالمشاركة، وبالصدق.