كتمان الكفر بالقلب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 6 أغسطس 2024
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد إن النفاق هو مخالفة الظاهر للباطن، وهو إظهار الإيمان باللسان، وكتمان الكفر بالقلب، وهو إظهار الإسلام والخير، وإبطان الكفر والشر، وهو دخول في الإسلام من وجه، وخروج عنه من وجه آخر، لذا قال الله تعالى ” إن المنافقين هم الفاسقون ” أي هم الخارجون من شرعه المخالفون لطاعته سبحانه وتعالي، فما أقبح النفاق وما أقبح عواقبه ونتائجه إنه مفرق للجماعات، ومسبب للأزمات، ومُوقع في الويلات والنكبات، فما أصعب الحياة حين يبدأ الناس فيها يتوجسون ممّن حولهم خيفة، فتحلّ الريبة محلّ الثقة، ويحلّ الشك محلّ اليقين، وما ذاك من أخلاق الإسلام ولكنها بلية النفاق وآثار المنافقين.
فالنفاق عدو الإسلام والإيمان، وعدو السلم والسلام، وعدو الأمن والأمان، وعدو الأخلاق والقيم، وعدو التقدم والاستقرار، لذا حذر الله تعالى من كيد المنافقين وخطرهم فقال سبحانه وتعالي ” هم العدو فاحذرهم ” فحصر العداوة فيهم مع كثرة الأعداء من غيرهم لأن غيرهم من الأعداء ظاهر أمره وبيّن وصفه، أما هؤلاء فهم مع المسلمين في الديار والمنازل صباحا ومساء، يدلون العدو على العورات، ويدبرون المكايد والمخططات، ويتربصون الدوائر بالمؤمنين والمؤمنات، وأمرهم خفي على العباد، وإن المنافقين يزرعون الفتن، ويجرّون مجتمعاتهم نحو المِحن، لا همّ لهم إلا خراب البلاد، وفساد العباد، لا يُعتدّ بهم في الخطوب، ولا يعتمد عليهم في الشدائد، ولقد هتك الله سبحانه وتعالى أستار المنافقين.
وكشف أسرارهم في القرآن الكريم، وجلى لعباده أمورهم ليكونوا منها ومن أهلها على حذر، فكم في القرآن الكريم من آيات تحذر من النفاق والمنافقين، ففي القرآن سورة كاملة تسمى بسورة المنافقون، وفي غيرها من السور المدنية آيات كثيرة تحذر من النفاق وسبيل المنافقين كسورة البقرة وآل عمران والنساء والتوبة والأحزاب وغيرها، وما ذلك إلا لشدة خطر النفاق وقبحه، وشدة فتنة المنافقين على الإسلام وأهله، لأنهم منسوبون إلى الإسلام وإلى نصرته وموالاته، بينما هم أعداؤه وخصومه، ونبينا المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم يحذرنا من شرورهم وفتنهم، فيقول صلي الله عليه وسلم ” إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان” رواه أحمد، فالنفاق يسري في المجتمعات كما تنتشر النار في الهشيم.
والمنافقون لا يخلو منهم زمان ولا مكان، قد تتباين أشكالهم وألوانهم ووسائلهم من زمان إلى آخر، لكنهم لا يختلفون في أهدافهم وغاياتهم في ضرب الإسلام وتشويه صورته وطمس معالمه، وإلحاق الأذى بأتباعه، ففي صحيح البخاري عن حذيفة بن اليمان، قال “إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا يومئذ يسرّون، واليوم يجهرون” أفلا يجدر بنا أن نخاف النفاق ونجتنبه، وأن نبتعد عن كل الصفات والطرق التي تؤدي إليه، وأن نتعرف على مخاطره وأشكاله حتى لا نقترب منه أو نقع فيه، اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث اللهم اصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك.
كتمان الكفر بالقلب