مقالات

لئلا يكون للناس عليكم حجة

لئلا يكون للناس عليكم حجة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله، الحمد لله الذي حث عباده على الإعتصام بالكتاب والسنّة، أحمده سبحانه وأشكره ذو الفضل والمنّة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له أعاذ عباده من شر الناس والجنّة، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله قائد المؤمنين ودليل الملة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه في السراء والملمّة أما بعد ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن حادثة تحويل القبلة من إتجاه بيت المقدس إلي إتجاه بيت الله الحرام، وإن من الحكم الربانية من وراء حادث تحويل القبلة، هو إنقطاع حجة اليهود والمشككين فى نبوة النبى المصطفي صلى الله عليه وسلم، وإلى ذلك تشير الآية الكريمة ” لئلا يكون للناس عليكم حجة ” ولأن أهل الكتاب كانوا يعرفون من كتبهم أن النبى الخاتم من ولد اسماعيل ويكون على قبلته وقبلة أبيه إبراهيم عليهم السلام.

 

فلما كان تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة الشريفة تأكد لهم بكل سبيل أنه النبى الخاتم، وإنقطعت حجتهم فى التشكيك فى صدق نبوة النبى المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم، وكما أن من الحكم الربانية من وراء حادث تحويل القبلة، هو تمام النعمة بإستقلال القبلة للمسلمين وإلى ذلك تشير الآية الكريمة ” ولأتم نعمتي عليكم ” أى تمت النعمة عليكم بإستقلال قبلتكم فى بيت ربكم الذى بناه جدكم إبراهيم وبلسان عربى للنبى ولد اسماعيل، وكما أن من الحكم الربانية من وراء حادث تحويل القبلة، هو الثبات على الحق، وإلى ذلك تشير الآية الكريمة ” ولعلكم تهتدون ” أى إلى الثبات على الحق والمداومة عليه لتكونوا قدوة وإمامًا للناس أجمعين، وتعدد الروايات التاريخية يؤكد صدقها ولا يطعن فى صحتها حيث أن الراوى فى ذلك الزمن البعيد يذكر الحدث التاريخي. 

 

مقرونا بيوم وصول الخبر إليه، ونظرا لعدم إنتشار وعدم سرعة وسائل الإعلان والإعلام ساعتها، فقد ينتقل خبر الحدث خلال أيام فى المحيط القريب وخلال أسابيع فى الدائرة التالية، وقد يمتد الزمن على أشهر حينما يسمع ويلتزم أهل المناطق النائية، والمعروف أن الصلاة قد فرضت فى مكة ليلة الإسراء والمعراج، وفى صباح تلك الليلة جاء جبريل يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم كيفية الصلاة وأوقاتها وعدد ركعاتها، وكان من أول التعاليم ضرورة استقبال قبلة بيت المقدس، تلك القبلة التى يتجه إليها إلى الآن أشهر المذاهب المسيحية نظرا لأن النبوة قد إنتقلت من بعد نبي الله عيسى عليه السلام إلى المصطفي محمد صلى الله عليه وسلم وكان ذلك شديدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه قد ولد فى مكة ويعرف أسبقيتها ويميل إليها، لكنه لا يستطيع مخالفة الوحي. 

 

فالتزم صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه فى الإتجاه ناحية بيت المقدس منذ ليلة الإسراء، وحتى قرابة ستة عشر شهرا من بداية الهجرة، ورغم مشاركة الرسول صلي الله عليه وسلم لبنى إسرائيل فى الإتجاه إلى القدس، فإن اليهود شنوا حملات نفسية مضادة للمسلمين يتساءلون كيف يصلى محمد فى قبلتنا ويحكم بغير كتابنا التوراة؟ والرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمون يصبرون إيمانا بما أمر الله وشرع الوحى، وفى العام الثانى من الهجرة نزل التبشير بقرب تغيير القبلة وقطع الطريق على مزايدات اليهود حيث نزل قوله تعالى “سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم” ومعنى ذلك أن القبلة ستتغير ولن تنقطع مزايدات اليهود لأنهم سفهاء لا يلتزمون بدين ولا عقل ولا منطق، فهم يغضبون إذا صليت معهم، وهم يغضبون إذا تركت قبلتهم، وذلك قمة السفه.

لئلا يكون للناس عليكم حجة

لئلا يكون للناس عليكم حجة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى