(لاخبر )
إهداء إلى الراحل محمود درويش
محمود درويش
صوته ملأ الكون
منذرا بالخطر
محذرا من إعلان الخبر
لكن أين الخبر ؟ لا خبر ! لا خبر
يناشد أبناء الوطن
هل عندكم من خبر أننا وصلنا إلى قاع المنحدر
كلمات تدوي كالرصاص
مليئة بالحزن
على من غاب
وتلطم الخدود وتشق الجيوب على من حضر
لا أحد يملك رفاهية أن يعلن الخبر
لكن أين الخبر
لاخبر
لا خبر
صرخات مدوية في مقبرة جماعية
تفوح منها رائحة الموت
كل الأموات هنا
تحت التراب
أعمالهم شاهدة
الأبواب محكمة الإغلاق على الخبر
من يفشي سرهم من يفضح أمرهم
لا أحد شجاع وقت الخطر ولا خبر
لا خبر
(لاخبر )إهداء إلى الراحل محمود درويش
فهذا قاتل بجانب المقتول ولا خبر
وهذا ظالم يحتضن المظلوم
ولا خبر
هذا من كان يوما يتصدر المشهد
في التلفزة وفي الصحف وعبر الأثير
هو من كان لديه الخبر
والآن لا خبر
لاخبر
ليس له صوت يسمع
ولا شخص لهامته الناس تخضع
من كانوا يخشونه
أين هو
بل أين هم الآن
لا خبر
لاخبر
وهذا الذي كان يلعق حذاء السلطان
نفاقا
لا روح فيه لايسمع فقد المنطق ضاع الذي كانوا يميزونه ويقولون هذا بعيد النظر
أموات تعانق الأرض
الأرض تضج من قبح بشاعة ضيمهم
ماذا فعلوا حتى يستغيث الثرى
وماذا جنت أيديهم حتى تلاحقهم لعنات كل الورى
لا خبر عندهم ليس لدينا خبر
صورهم كانت على صدر الصفحة الأولى
الافتتاحية بأقلامهم المأجورة ضد الوطن
ولا وطن
توقيعه الشريف على كل سطر في الجريدة
الكل ينتظر الخبر
لاخبر
لا خبر
أدقق السمع جيدا لعل أحدا فيه بقية حياة أو بقايا روح
أو قبروه قبل موته
لاخبر
لاخبر
أقلب في أوراقي المهملة
لعلي أجد كلمة حق تقال
لا أجد سطرا واحدا
رغم أن الأوراق لامكان فيها لحرف
لا خبر عنهم وليس لدي خبر
كيف وصلوا إلى هنا وقد كانوا حريصين يحتاطون لأنفسهم
من تلوث الماء والهواء
وأنفاس البشر
ماتت ضمائرهم ودفنوها هنا قبل أن تتبخر أجسادهم بين طين وحجر
لا أحد يملك عصا موسى
لكي يأتينا بالخبر
لا خبر لا خبر
الكل في مناقشة ما قدمت يداه
وحسابه مستمر
في يوم كألف عام
أو ليلة كخمسين ألفا من الأعوام
فهذا قضاء وذاك قدر
وأتساءل عن صاحب الركن
وصاحب الفخامة
وجلالة الملك
وشيخ الأمراء لا أحد يملك الخبر
والأجواء يغلفها الخطر
ونزعنا قلوبنا ووضعنا مكانها أصعب حجر
ولا خبر ولا خبر
(لاخبر )إهداء إلى الراحل محمود درويش
طه هيكل