
هنا نابل/ بقلم المعز غني
مريم … زهرة العمر التي أختطفها البحر
في ساحل قليبية حيثُ النسماتُ تهمسُ بالحكايات، جاءت مريم الصغيرة ، زهرةُ الحياة بضحكتها ملأت الليالي بالأنوار.
ثلاثُ سنواتٍ من البراءة ، وعيونٌ تلمعُ كنجومٍ في عتمةِ الفجر لكن القدرَ لم يرحمها ، والبحرُ غدرَ بها ، صارخًا برياحٍ عاتيةٍ لا تُسْمَعُ إلا للقلوب الحزينة.
كانت تلعب على عوامةٍ كطيفِ حلمٍ عابر ، وفي لحظةٍ أشتدت الريح وأخذتها الأمواجُ بعيدًا ، كأنها أرادت أن تأخذَ منّا زهرتنا،
فأصبح الصمتُ يُزاحم الضحك ، والفرحُ يستبدله الحزنُ والدموع.
الأبوان ، والقلوب مُعلقةٌ بين الأمل والانتظار، لكن البحر لم يترك فرصةً إلا وأخذها ، بعدَ يومين من البحث ، رفعت الأمواجُ جسد الطفلة المكلومة ، لتكتب نهاية قصةٍ لم تكتمل صفحاتها، على شواطئ بني خيار ، على بعد أميالٍ من حيثُ بدأت الأحلام.
ماذا نعلمُ من مريم؟
أن البحرَ لا يُهَزَمُ ولا يُستهان به، وأن العوامات الطافية ، ليست حُصنًا من الرياح العاتية ، وأنّ العين التي تُراقبُ لا تُغفل ، ولا لحظةَ غفلةٍ فيها ، وأنّ التحذيرات ليست شعارات بل صرخاتُ إنذارٍ تُسمعُ قبلَ أن يُقفلَ الباب.
أيتها الأمهاتُ ،،،
أيها الآباءُ ،،،
أحملوا الأطفالَ في صدوركم بعناية ، فالصيفُ يخبئُ بين أشرعته أسرارًا ، والبحرُ لا يُعيدُ ما أخذ.
رحمكِ الله يا مريم ، وجعل قبركِ روضةً من رياض الجنان وألهم أهلَكِ الصبر والسلوان ، فليس في الدنيا بلاءٌ أعظمُ من فراقِ زهرةٍ غادرت بين الأمواج.
ملاحظة هامة:
والحذرُ مهما كان ، لا ينفعُ حين يكتبُ القدرُ حكايته، فساعةُ القضاءِ غفلة ، والريحُ التي حملتكِ كانت جندًا من جنود الله ، رحمةً وإختبارًا وفيه خيرٌ لمن صبر وأحتسب.
لنا في أهل غزة عبرة ، وفي صبرهم عزاء ، فقدر المؤمن أن يُبتلى ، فالصبر مفتاحُ الجنة ، وإنا لله وإنا إليه راجعون وبشر الصابرين اذا أصابتهم مصيبة قالوا لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ../.
——