
مصر والدول العربية ترفض تهجير الفلسطينيين: الشرق الأوسط الجديد لن يُبنى على حساب القضية الفلسطينية
كتب / محمد صبَّاح

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، تتزايد الضغوط الدولية والإقليمية لفرض حلول تخدم الأجندة الإسرائيلية، وفي مقدمتها مخطط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحليفه وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي يهدف إلى تهجير سكان القطاع إلى سيناء أو الأردن في إطار ما يُسمى بـ”الشرق الأوسط الجديد”. غير أن هذا المخطط يواجه رفضًا عربيًا قاطعًا، تؤكده مواقف مصر والأردن والدول العربية التي ترفض أي محاولات لتصفية القضية الفلسطينية أو فرض حلول غير عادلة.
مصر: رفض قاطع للمخطط الإسرائيلي
مصر، التي لعبت دورًا محوريًا في دعم القضية الفلسطينية لعقود، كانت أول من أعلن موقفه الرافض لتهجير الفلسطينيين. وأكدت القاهرة أن سيناء ليست ولن تكون بديلًا عن غزة، وأن أي محاولة لفرض هذا السيناريو ستُقابل بموقف مصري صارم، نظرًا لما يشكله من تهديد مباشر للأمن القومي المصري. كما شددت القيادة المصرية على أن الحل الحقيقي يكمن في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
الأردن: خط أحمر أمام التهجير
على الجانب الآخر، أعلن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني رفضه القاطع لأي مخطط يهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم، مشيرًا إلى أن هذا الأمر “خط أحمر” لن يُسمح بتجاوزه. وأوضح أن الأردن، الذي يستضيف بالفعل ملايين اللاجئين الفلسطينيين، لن يكون طرفًا في أي مخطط يستهدف تصفية القضية الفلسطينية أو تغيير التركيبة السكانية للأراضي المحتلة.
وفي هذا السياق، كثفت عمّان تحركاتها الدبلوماسية بالتنسيق مع الدول العربية والأوروبية لمنع تنفيذ المخططات الإسرائيلية، وللضغط من أجل وقف الحرب على غزة، وإيجاد حل سياسي شامل وعادل يعيد للفلسطينيين حقوقهم المشروعة.
الموقف العربي: إجماع ضد التهجير
لم يقتصر الرفض على مصر والأردن، بل امتد ليشمل أغلب الدول العربية، التي أعلنت دعمها لحق الفلسطينيين في البقاء على أرضهم، ورفضها لأي شكل من أشكال التهجير القسري. كما شددت الجامعة العربية على أن مثل هذه الخطط لا تخدم إلا المشروع الصهيوني التوسعي، ولن تؤدي إلا إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة.
وفي هذا السياق، أكدت السعودية والإمارات وقطر والجزائر وغيرها من الدول العربية، أن الحل العادل للقضية الفلسطينية يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وليس في فرض حلول مجحفة على الفلسطينيين.
نتنياهو وترمب: أوهام “الشرق الأوسط الجديد”
منذ تولي دونالد ترمب رئاسة الولايات المتحدة، برزت رؤية إسرائيلية – أمريكية لما يسمى بـ”الشرق الأوسط الجديد”، الذي يعتمد على دمج إسرائيل في المنطقة اقتصاديًا وسياسيًا وأمنيًا، دون منح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة. وكان من أبرز محاور هذه الرؤية، تصفية القضية الفلسطينية عبر اتفاقات سياسية واقتصادية تُفرض على الدول العربية.
واليوم، يحاول نتنياهو إعادة إحياء هذه الفكرة عبر تصدير الأزمة إلى الدول المجاورة، في ظل فشله في تحقيق “نصر عسكري” في غزة. لكن الموقف العربي الحاسم أجهض هذه المخططات، وأكد أن أي سلام في المنطقة لن يكون إلا من خلال حل عادل للقضية الفلسطينية، وليس عبر فرض وقائع جديدة بالقوة.
فلسطين باقية والمخططات إلى زوال
يبدو واضحًا أن رفض مصر والأردن والدول العربية لتهجير الفلسطينيين يمثل موقفًا استراتيجيًا لن يتغير، ويعكس التزامًا عربيًا ثابتًا بدعم القضية الفلسطينية. فكما فشلت محاولات تصفية القضية سابقًا، ستفشل هذه المخططات أيضًا، لأن فلسطين ليست مجرد قضية سياسية، بل قضية حق وعدالة لن تسقط بالتقادم، وستظل راسخة في ضمير الشعوب العربية مهما حاولت إسرائيل فرض واقع جديد.