الرئيسيةاخبارمعاملة الرسول للمنافقين
اخبار

معاملة الرسول للمنافقين

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الذي جعل حب الوطن أمرا فطريا والصلاة والسلام على من أرسله الله تعالى رسولا ونبيا وعلى آله وصحابته والتابعين لهم في كل زمان ومكان، أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن المنافقين، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى “إن المنافقين الذي قالوا ” آمنا بالله واليوم الآخر وما هم بمؤمنين” هم في الظاهر مؤمنون يصلون مع الناس ويصومون ويحجون ويغزون، والمسلمون يناكحونهم ويوارثونهم، كما كان المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يحكم النبي صلى الله عليه وسلم في المنافقين بحكم الكفار المظهرين للكفر، لا في مناكحتهم، ولا موارثتهم، ولا نحو ذلك، بل لما مات عبد الله بن أبي سلول وهو من أشهر الناس بالنفاق ورثه ابنه عبد الله، وهو من خيار المؤمنين، وكذلك سائر من كان يموت منهم يرثه ورثته المؤمنون.

 

وإذا مات لأحدهم وارث ورثوه مع المسلمين” ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرغم من إطلاعه على أحوال المنافقين وما تسره أفئدتهم بوحي من الله تعالى له، يعاملهم معاملة المسلمين دون أي تفريق في الأحكام الشرعية العامة، وهذا لا ينافي أن يكون المسلمون في حذر دائم من المنافقين ومؤامراتهم وكيدهم، وهذه المواقف والأمثلة من السيرة النبوية تبين بجلاء أنه ينبغي على المسلم أن يعامل الناس بما يظهر من أقوالهم وأفعالهم، ويترك سريرتهم إلى الله تعالى، وأن المعاملات والأحكام الفقهية والقضائية في هذه الدنيا تجري على مقتضى شرائع الإسلام الموضوعة للعباد وعلى ما يظهر منهم من أفعالهم وأقوالهم دون إيغال في النيات، أو تحسس في المقاصد، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسامة رضي الله عنه ” أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا”

 

وأما في الآخرة فالآثار والنتائج للأفعال تتجاوز الظواهر إلى السرائر والضمائر والنيات، لأن الله تعالى هو الذي يتولاها بنفسه، فهو سبحانه يعلم السر وأخفى، حيث قال الله تعالى ” وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفي ” واعلموا أن هناك من الأحاديث الكثيرة كلها تدل على وجوب الأخذ بالظواهر، وأما السرائر فإلى الله، وتقدمت الأحاديث في هذا الباب، فالواجب على أهل الإيمان أن يتقوا الله، وأن يراقبوا الله، وأن يأخذوا الناس بما ظهر من أعمالهم، أما إتهامهم في سرائرهم، وأخذهم بشيء لا يعلمونه فهذا إلى الله، فالواجب العمل بظاهر الإنسان، وما يدل عليه الشرع في حقه، أما باطنه وسريرته فإلى الله تعالي ولهذا تقدم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها”

 

وفي اللفظ الآخر أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم، وأموالهم، إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله، والأحاديث في هذاالمعنى كثيرة، وهكذا بطرقه لما قتل بعض الرجال الحرقة، والسبب في ذلك أنه أوجع في المسلمين، ولحقه هو وبعض الأنصار، فلما غشياه قال لا إله إلا الله، فكفّ عنه الأنصاري، وأما أسامة فطعنه برمحه حتى قتله، فلما رُفع أمره إلى النبي صلى الله عليه وسلم عاتب أسامة في ذلك وقال أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟ وجعل يكررها عليه، ثم قال يا رسول الله إنما قالها تعوذا لما رأى السلاح، قال هلا شققت عن قلبه حتى ترى ذلك؟ قال أسامة فما زال يكرر ذلك عليّ حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ، والمقصود أن من ظاهره الكفر ثم أسلم يُقبل إسلامه، ويوكل أمره وسريرته إلى الله كما فعل صاحب أسامة وغيره.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *