أخبار ومقالات دينية

و الكاظمين الغيظ

جريدة موطنى

والكاظمين الغيظ   

محمود سعيد برغش 

إن الحمدلله نحمدة ونستعينة ونستغفرة ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا فمن يهدية الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واستعينوا بالصبر والصلاة إنها لكبيرة علي الخاشعين 

الكاظمين الغيظ. وهو نزع الغل والكراهية من القلب ويزرع بدلا منه الحب وأن الاسلام يدعو إلي الحب والتسامح وحسن الخلق وليس الحقد والكراهية الاسلام دين تسامح فقد جاء في الاثر أن رجل أمر خادمة بإن يحضر له الماء لكي يغتسل فأحضر الخادم الماء ولكن كانت ساخنة جدا فعندما دخل الرجل ليغتسل فأخرقته سخونة الماء فنادة علي الخادم بغضب ، فعلم الخادم بأنه لم يبرد الماء فقال له الخادم بسرعه والكاظمين الغيظ فقال الرجل لقد كظمت غيظ فقال الخادم والعافين عن الناس. فقال الرجل لقد عفوت عنك. فقال الخادم والله يحب المحسنين. فقال الرجل لكنت احسنت اليك 

و أن رسول الله ﷺ قال: ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب[1] متفق عليه.

وهذا الحديث ذكره الإمام النووي -رحمه الله- في باب الصبر؛ لأن الإنسان حينما يحتدم الحنق في قلبه، ويمتلئ غيظاً وغضباً فإن السيطرة على النفس عند ذلك وكبح جماحها عن التعدي يحتاج إلى صبر عظيم، ولهذا قال النبي ﷺ: ليس الشديد يعني: ليس الإنسان الشديد هو الشديد بالصُّرَعة، والمقصود بالصُّرَعة أي: الذي يصرع الناس كثيراً، فهو إنسان قوي يصرع الناس كثيراً، وإنما الشديد حقيقة والذي ينبغي أن تلتفت الأنظار إلى قوته وشدته هو من يملك نفسه عند الغضب، فمسألة الشدة في صرع الناس وغلبتهم بالعضلات المفتولة أمر يحصل للإنسان، ولربما حصل أيضاً لغيره من الحيوانات، ولكن هذا الإنسان الذي قد امتد بدنه وانفتلت عضلاته لربما يكون كالطفل الصغير إذا غضب، فيخرج عن طوره ويفقد سيطرته على نفسه، فيتكلم بما لا يعي ولا يعقل، ويطلق امرأته، ويسب نفسه، وإذا ذُكّر بذلك بعد هذا لم يتفطن لشيء من ذلك إطلاقاً، ثم يندم على تصرفاته التي صدرت منه.

فهذا الغضب جمرة من الشيطان يلقيها في قلب الإنسان، ومن ثمّ فإن الإنسان بحاجة إذا ألقى الشيطان في قلبه جمرته أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم؛ لأن ذلك يدفع أثره، ثم هو بحاجة إن كان قائماً أن يجلس؛ لأن ذلك أثبت للإنسان، فيلزم الأرض، فلا يكون منه تعدٍّ في الخطى والمشي فيضر نفسه، أو يضر غيره، فإن لم ينفع معه ذلك فإنه يضطجع، وبالتالي فإنه لا يكون له حراك وانتقال فيصدر منه قتل أو أذية أو نحو ذلك.

فهذا أدعى لهدوئه إذا غضب، وأكثر لانضباط جوارحه وتصرفاته وسلوكه، ثم هو أيضاً مأمور بأن يتوضأ؛ لأن الشيطان يلقي هذه الجمرة في قلبه وهو المتسبب بالغضب والماء تطفئ النار، فإذا توضأ الإنسان فإن ذلك يخفف أثر هذا الغضب في نفسه.

فإذا فعل الإنسان هذه الخطوات خف عليه هذا الغضب، ثم هو بحاجة أيضاً إلى سيطرة على لسانه فلا يتكلم ولا يشتم ولا يصدر منه ما لا يليق من طلاق وتحريم وغير ذلك، حتى لا يتندم ويبحث عمن يفتيه.

وإذا كان الإنسان عند امرأته وقد غضب فإنه يترك البيت ويخرج إلى مكان آخر حتى تهدأ نفسه، وترتاض، ثم بعد ذلك يرجع، فلو بقي معها وهي تقول كلمة وهو يقول كلمة وقد حضر الشيطان بينهما فيغري كل واحد منهما بالقول والكلام البذيء، فإن ذلك من شأنه أن يجعل كل واحد مستشرفاً للانتقام لنفسه والغلبة في هذا الموقف الذي احتدم فيه الصراع -نسأل الله العافية، فيحصل ما لا تحمد عقباه، لكن العاقل يخرج ويقطع الطريق على الشيطان، ويتوضأ ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم حتى تهدأ نفسه.

والكلام له بقية، أسأل الله أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

و الكاظمين الغيظ

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار